سيرة ذاتية

شكري القوتلي: بطل الاستقلال وصانع الوحدة

في حي الشاغور بدمشق، وُلِدَ شكري بن محمود القوتلي في 21 أكتوبر 1891، لأسرة عريقة ذات أصول حجازية استوطنت دمشق في مطلع القرن الثامن عشر. كانت عائلة القوتلي معروفة بتميزها في القوام والبنية القوية، وقد حملت هذا الاسم نسبة إلى قوتهم البدنية. امتد تأثير هذه العائلة ليشمل جوانب مختلفة من الحياة في دمشق، فكانوا من التجار والزراع البارزين الذين ساهموا في الاقتصاد المحلي بجدارة وإخلاص.

كان جده عبد الغني القوتلي من أبرز المحسنين في دمشق، وقد ساهم في العديد من المشروعات الخيرية والبناءات العامة التي لا تزال تذكرها المدينة حتى اليوم. قال عنه المؤرخ محمد كرد علي في مذكراته: “قد تلد الولادة مثل عبد الغني القوتلي ولكن أعظم منه بالأخلاق وكرمه فلا.”، تلك العبارة التي تعكس مكانته واحترامه بين الناس. أما والده محمود القوتلي، فقد كان من الأعيان وتوفي عام 1914، ما ترك مسؤولية كبيرة على عاتق الشاب شكري.

تلقى شكري القوتلي تعليمه الأولي في دمشق، حيث درس القرآن الكريم وتعلم اللغة الفرنسية في مدرسة الآباء العازاريين في منطقة باب توما، وهي من المدارس الرائدة في ذلك الزمن. ثم انتقل إلى مدرسة مكتب عنبر، التي كانت ملكًا قديمًا لعمه مراد القوتلي قبل أن يبيعها إلى الوجيه اليهودي يوسف عنبر في عام 1869. في مكتب عنبر، نال القوتلي الشهادة الثانوية عام 1908، وأظهر تفوقًا ملحوظًا في دراسته.

كان شغف القوتلي بالعلم والمعرفة لا حدود له، مما دفعه للسفر إلى إسطنبول للالتحاق بالمعهد الشاهاني الملكي، أحد أرقى مدارس العاصمة العثمانية. هناك، درس العلوم السياسية والإدارية، وتخرج منها عام 1913، محققًا درجة عليا في تلك التخصصات. كانت تلك الفترة بمثابة تأسيس لشخصيته القيادية ورؤيته الوطنية، حيث بدأ يتشكل وعيه السياسي ويتبلور شعوره بالمسؤولية تجاه وطنه وشعبه. هذا التعليم المتميز أسهم بشكل كبير في تأهيله ليصبح أحد أبرز زعماء سوريا في القرن العشرين، وقائدًا لحركات التحرر والنضال من أجل الاستقلال.

لقد كانت سنوات دراسته وتكوينه العلمي بداية لمسيرة طويلة من النضال والكفاح، التي ستجعل منه لاحقًا رمزًا وطنيًا وشخصية بارزة في التاريخ السوري الحديث.

بداية النشاط السياسي والتحدي العثماني

عاد شكري القوتلي إلى دمشق بعد تخرجه من المعهد الشاهاني الملكي في إسطنبول، ليعمل موظفًا في مكتب الوالي العثماني. لكن عمله الرسمي لم يكن سوى واجهة تخفي خلفها نشاطه السياسي السري. سرعان ما انخرط في العمل السري ضد الحكومة العثمانية من خلال انضمامه إلى الجمعية العربية الفتاة، تلك المنظمة التي كانت تهدف إلى تحرير البلاد العربية من السيطرة العثمانية والنهوض بالأمة العربية. كانت الجمعية العربية الفتاة تُدار بسرية تامة وضمّت في صفوفها نخبة من الشباب العربي المثقف الذين آمنوا بقضية الاستقلال والحرية.

كان شكري القوتلي مؤيدًا قويًا للثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين بن علي ضد الدولة العثمانية في عام 1916. لم يكتفِ بالدعم المعنوي، بل قام بدور فعّال في نقل السلاح والمال للثوار، مما جعله هدفًا للسلطات العثمانية. قبض عليه بأمر من جمال باشا، الحاكم العسكري لولاية سورية، الذي كان يُعرف بقبضته الحديدية وصرامته في التعامل مع الثوار. في المعتقل، تعرض القوتلي لأشد أنواع التعذيب في محاولة لكسر إرادته وانتزاع أسماء شركائه في النضال، لكنه حافظ على صمته وصلابته.

خاف القوتلي أن تضعف عزيمته تحت وطأة التعذيب المستمر، فقرر التضحية بحياته لتجنب الإفصاح عن أسرار رفاقه. تمكن من إدخال شفرة صغيرة إلى زنزانته داخل رغيف خبز، وقام بقطع شرايين يده اليسرى في محاولة للانتحار. لكن القدر كان له رأي آخر، فقد أنقذت حياته بفضل تدخل الدكتور أحمد قدري، أحد قادة جمعية الفتاة المعتقلين في زنزانة مجاورة. نُقل القوتلي إلى المستشفى الحميدي في حي البرامكة حيث قضى خمسة وعشرين يومًا في العلاج تحت حراسة مشددة، قبل أن يُعاد إلى السجن.

بعد قضاء فترة من الزمن في المعتقل، أُفرج عن القوتلي مع نهاية الحرب العالمية الأولى وسقوط الحكم العثماني في دمشق في أواخر سبتمبر 1918. هذه التجربة القاسية لم تُثنه عن مواصلة نضاله، بل زادته إصرارًا وعزيمة على تحقيق أهدافه في تحرير وطنه. بعد خروجه من السجن، عاد إلى العمل السياسي والجمعية العربية الفتاة، وكان له دور بارز في المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط الحكم العثماني وقيام الحكومة العربية في دمشق بقيادة الأمير فيصل بن الحسين.

كانت هذه الفترة الحرجة من حياة شكري القوتلي هي التي شكّلت شخصيته القيادية وعمّقت إيمانه بقضية الاستتقلال والحرية. هذه التجربة العميقة والمعاناة الشخصية التي مر بها في السجن وتحت التعذيب، لم تزد القوتلي إلا قوة وإصرارًا على مواصلة مسيرته النضالية. بفضل صلابته وإرادته الفولاذية، أصبح رمزًا للأمل والصمود في وجه الظلم والقهر، ولم يكن ثنيًا أبدًا عن قضيته.

لم تكن هذه التجربة مجرد مرحلة عابرة في حياة القوتلي، بل كانت محطة محورية جعلت منه شخصية لا تُنسى في تاريخ سوريا الحديث. بفضل تضحياته وشجاعته، تمكن من إلهام العديد من الشباب والنساء للانضمام إلى صفوف المقاومة، وأصبح اسمه مرتبطًا بكل حركات التحرر الوطني في سوريا. كانت شجاعة القوتلي وصموده في وجه التعذيب والظلم تمثل الشجاعة التي يحتاجها الوطن في تلك اللحظات الحرجة.

بذلك، وضعت هذه التجربة الأليمة أساسًا قويًا لمسيرته السياسية والنضالية التي ستشهدها السنوات التالية. بعد تحرره من السجن ونهاية الحكم العثماني، كان جاهزًا لقيادة بلاده نحو مرحلة جديدة من النضال لتحقيق الاستقلال والسيادة الكاملة، وهي الأهداف التي ظل يكافح من أجلها حتى آخر أيام حياته.

بات القوتلي مثالاً حيًا للتضحية والتفاني من أجل الوطن، وغدت قصته رمزًا للإلهام والتحفيز للأجيال القادمة من السوريين والعرب، ليبقى في الذاكرة الوطنية كواحد من أعظم زعماء سوريا في القرن العشرين.

الثورة السورية الكبرى: نضال من أجل الحرية

عند اندلاع الثورة السورية الكبرى في صيف عام 1925، كان شكري القوتلي من أوائل الداعمين لها بكل ما يملك. أدرك القوتلي أن الثورة ضد الاحتلال الفرنسي هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال الحقيقي لسوريا، فبذل كل جهوده لدعمها. باع أملاكه في غوطة دمشق، التي كان قد ورثها عن والده، ليشتري بأسعارها أسلحة وذخائر للثوار. لم تكن تلك مجرد خطوة رمزية، بل كانت تبرعاته من الأصول الحقيقية التي يعول عليها الثوار في معركتهم ضد الاحتلال.

إلى جانب الدعم المادي، عمل القوتلي على جمع تبرعات مالية من الجاليات العربية المقيمة في المغترب. بفضل علاقاته الواسعة وشبكة معارفه، استطاع جمع مبالغ كبيرة من المغتربين في مختلف الدول. كان يتنقل بين العواصم العربية بحثاً عن الدعم، وقد قاده ذلك إلى مصر حيث اجتمع بسعد زغلول، زعيم حزب الوفد، طالباً دعمه للثورة السورية الكبرى. كانت جهود القوتلي تتسم بالتفاني والإخلاص، ولم يدخر جهداً في سبيل تحقيق هدفه الوطني.

وفي أحد أجرأ أعمال الانتقام، قامت القوات الفرنسية بقصف دار القوتلي في منطقة سيدي عامود بدمشق، مما أدى إلى تدمير جزء كبير منها. لم تكتفِ القوات الفرنسية بذلك، بل أصدرت قرارًا جديدًا بإعدام القوتلي لمساهمته الفعالة في دعم الثوار. لم يكن أمام القوتلي خيار سوى اللجوء إلى مصر مجددًا، حيث وجد الأمان والدعم، وظل مقيمًا هناك حتى صدور عفو عام 1932.

اقرأ أيضاً:  سورية: الثقافة والتاريخ والتحديات المعاصرة

خلال فترة إقامته في مصر، لم يتوقف القوتلي عن النضال والعمل من أجل الثورة السورية الكبرى. استمر في جمع التبرعات وتنسيق جهود المقاومة، وكان له دور بارز في إبقاء شعلة الثورة مشتعلة في قلوب السوريين. كان يعلم أن الثورة لا يمكن أن تحقق أهدافها بدون دعم مستمر وجهود مشتركة، لذا كان يسعى دائمًا إلى توحيد الجهود وجمع الكلمة حول الهدف المشترك.

كما ساهم القوتلي في بناء شبكة من العلاقات الداعمة للثورة، سواء مع الشخصيات السياسية العربية أو الزعماء الوطنيين في المنطقة. كان يروج لقضية الثورة في كل المحافل التي يشارك فيها، مما ساعد في زيادة الوعي العربي والدولي بمطالب السوريين وحقوقهم المشروعة. وكانت تلك الجهود تؤتي أكلها تدريجياً، إذ بدأت الضغوط تتزايد على القوات الفرنسية، وتنامى الدعم العربي للثورة بشكل ملموس.

بفضل هذه الجهود المستمرة والتضحيات الكبيرة، تمكنت الثورة السورية الكبرى من الصمود والاستمرار لسنوات، رغم كل التحديات والصعوبات. وعندما صدر العفو العام في عام 1932، عاد القوتلي إلى دمشق كرمز للصمود والنضال، وقد ترك خلفه إرثًا من الشجاعة والتفاني سيظل محفورًا في ذاكرة الأجيال اللاحقة.

تأسيس الكتلة الوطنية والعمل الصناعي

بعد قمع الثورة السورية الكبرى وتفريق شمل قادتها، أدرك شكري القوتلي وأقرانه أن مقاومة الانتداب الفرنسي لا يمكن أن تستمر بنفس النهج العسكري، ولابد من التحول إلى العمل السياسي المنظم. من هذا المنطلق، شارك القوتلي في تأسيس الكتلة الوطنية في سوريا في 25 أكتوبر 1927، بقيادة هاشم الأتاسي. كانت الكتلة الوطنية تهدف إلى محاربة الاحتلال الفرنسي بكافة الطرق السياسية والقانونية، دون اللجوء إلى العنف. انضم القوتلي إلى الكتلة فور عودته إلى دمشق وانتُخب عضواً في مجلسها الدائم عام 1934.

لم يكتف القوتلي بالعمل السياسي، بل سعى جاهدًا لتوفير الدعم المالي للكتلة الوطنية ونشاطاتها. إدراكًا منه لأهمية التمويل الذاتي وعدم الاعتماد على مصادر خارجية، أسس معمل الكونسروة في فبراير 1932، بهدف تمويل نشاط الكتلة ودفع رواتب المعتقلين من أنصارها وعائلاتهم. كان المشروع الصناعي يحمل توقيع كلّ من توفيق قباني، مؤسس أول معمل ملبس في سوق البزورية، والحاج سليم الشلاح، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، وصادق غراوي، صاحب معمل شوكولاتة “غراوي”، بالإضافة إلى شكري القوتلي.

حُدد رأس مال الشركة بثلاثين ألف ليرة عثمانية ذهبية، وزعت على خمسة عشر ألف مساهم. جال القوتلي على كافة المدن السورية لبيع أسهم الشركة الجديدة بقيمة ليرتين ذهبيتين للسهم الواحد، مما عزز من قاعدة المساهمين ودعم المشروع. بفضل هذا التمويل، تمكن المعمل من الوصول إلى طاقة إنتاجية تصل إلى 25 طنًا سنويًا من المعلبات، التي كانت تُصدّر إلى فلسطين ولبنان وإمارة شرق الأردن والحجاز ومصر.

كان القوتلي ملتزمًا بعدم بيع أسهم الشركة في أي مصرف أجنبي، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على استقلالية الشركة وعدم رهنها لرأس المال الأجنبي. أصر أن يتم الاكتتاب العام إما في فرع دمشق من بنك مصر أو عبر البنك العربي. وكانت من عاداته الكريمة إهداء أسهم في شركة الكونسروة لأصدقائه عند عقد قرانهم أو رزقهم بمولود.

ذهبت رئاسة مجلس إدارة معمل الكونسروة للدكتور أحمد منيف العائدي، أحد مؤسسي كلية الطب في جامعة دمشق، ومعه رئيس الجامعة الدكتور رضا سعيد، وانتُخب مدني الحفار، تاجر مال القبان في سوق البزورية، نائبًا لرئيس مجلس الإدارة. تم تداول أسهم شركة الكونسروة في سوق البورص، أحد تفرعات سوق الحميدية، وذاع صيتها بشكل كبير في الأوساط الدمشقية، إلى درجة أن القاضي الشرعي في دمشق كان يخبر الناس عند توزيع ميراثهم بعد وفاة أحد الأقارب، بين المال النقدي أو وضع أموالهم في شركة الكونسروة.

استمرت شركة الكونسروة في العمل بفاعلية حتى تأميمها في بداية عهد البعث عام 1965، مما يعد شهادة على نجاح المشروع وأهمية الرؤية الاقتصادية التي تبناها القوتلي لدعم النشاط الوطني والسياسي في سوريا. كانت هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية متكاملة للنضال من أجل الحرية والاستقلال بوسائل متنوعة وشاملة، تجمع بين السياسة والاقتصاد والعمل الاجتماعي.

الدور في الإضراب الستيني والاستقلال

في نوفمبر 1935، شكّل وفاة إبراهيم هنانو، أحد أبرز قادة الكتلة الوطنية وزعماء حركة المقاومة ضد الانتداب الفرنسي، نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي السوري. أثارت وفاته موجة غضب عارمة اجتاحت شوارع المدن السورية، حيث خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بالاستقلال والحرية. كان القوتلي في طليعة هذه الأحداث، محركًا ومحفزًا للجماهير ضد الاحتلال.

أسفرت هذه المظاهرات عن اعتقال العديد من الشخصيات الوطنية البارزة، من بينها فخري البارودي، نائب دمشق وزعيم الكتلة الوطنية، الذي كان يُعتبر من الأصوات الرائدة في المطالبة بالحرية والاستقلال. لم تكن هذه الاعتقالات سوى شرارة أشعلت فتيل الإضراب الستيني، الذي يُعد أحد أهم الإضرابات في تاريخ النضال السوري ضد الانتداب الفرنسي.

لعب شكري القوتلي دورًا محوريًا في فرض هذا الإضراب، حيث قاد بصلابة وشجاعة حملة العصيان المدني، منسقًا الجهود بين مختلف الأطراف والقوى الوطنية. كان القوتلي يُدرك أن الوحدة والتنظيم هما السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف المرجوة، لذا عمل على توحيد صفوف الكتلة الوطنية وتحفيز الناس على المشاركة في الإضراب.

استمر الإضراب لأكثر من ستين يومًا، مما أدى إلى شل الحياة الاقتصادية والسياسية في البلاد. وُضِع القوتلي قيد الإقامة الجبرية في داره، لكن ذلك لم يمنعه من التواصل مع رفاقه وتنسيق الجهود لاستمرار العصيان. بفضل التصميم والإصرار الذي أبداه القوتلي وزملاؤه، اضطرت حكومة الشيخ تاج الدين الحسني إلى الاستقالة، تحت ضغط شعبي واسع.

تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء العصيان، يشمل إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم فخري البارودي، والسماح بعودة النشاط السياسي للكتلة الوطنية. كان هذا الانتصار بداية لمزيد من الضغوط على الفرنسيين، مما اضطرهم في نهاية المطاف إلى قبول الجلوس على طاولة المفاوضات.

سافر وفد من الكتلة الوطنية إلى باريس في مارس 1936، بهدف التفاوض على استقلال سوريا. كان الوفد برئاسة هاشم الأتاسي وعضوية سعد الله الجابري وفارس الخوري وجميل مردم بك. بقي القوتلي في دمشق ليكون رئيسًا بالوكالة للكتلة الوطنية، مكلفًا بمتابعة الأحداث وتنسيق الجهود لضمان استمرار الضغط على الفرنسيين.

نجح الوفد في التوصل إلى معاهدة مع الحكومة الفرنسية، تقضي بمنح سوريا استقلالها التدريجي خلال فترة زمنية محددة، مع بعض الامتيازات العسكرية والاقتصادية لفرنسا. في نهاية سبتمبر 1936، عاد الوفد إلى دمشق وسط احتفالات شعبية كبيرة، معلنين عن توقيع المعاهدة وبدء مرحلة جديدة من النضال لتحقيق الاستقلال الكامل.

بفضل هذا الإضراب والجهود التي بذلها القوتلي ورفاقه في الكتلة الوطنية، تحقق تقدم كبير نحو تحرير سوريا من قيود الانتداب الفرنسي، مما مهد الطريق نحو الاستقلال التام في السنوات اللاحقة. كانت هذه المرحلة علامة فارقة في تاريخ النضال الوطني، وتأكيدًا على قدرة الشعب السوري على تحقيق أهدافه بالوحدة والتصميم.

اقرأ أيضاً:  الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الاستعمار الفرنسي

رئاسته الأولى: تحقيق الاستقلال

في 17 أغسطس 1943، انتُخب شكري القوتلي رئيسًا للجمهورية السورية بعد فوز ساحق للكتلة الوطنية في الانتخابات التشريعية. مثّل هذا الانتخاب تتويجًا لسنوات طويلة من النضال والعمل السياسي ضد الانتداب الفرنسي، وأعطى الأمل للشعب السوري في تحقيق الاستقلال الكامل. من تحت قبة البرلمان، ألقى القوتلي خطاب القسم، مؤكدًا على التزامه بتحقيق الحرية والسيادة لوطنه.

بمجرد توليه الرئاسة، بدأ القوتلي في إدارة مفاوضات شاقة مع السلطات الفرنسية. كانت تلك المفاوضات تهدف إلى إنهاء الانتداب الفرنسي بشكل كامل وتحقيق الاستقلال التام لسوريا. لم تكن المهمة سهلة، فقد كانت فرنسا تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة، وكانت تضغط لضمان امتيازات عسكرية واقتصادية لها في سوريا. لكن القوتلي أبدى صلابة وإصرارًا في موقفه، رافضًا أي حلول وسط قد تنتقص من سيادة بلاده.

إلى جانب جهوده في تحقيق الاستقلال، لعب القوتلي دورًا بارزًا في تأسيس جامعة الدول العربية. في مارس 1945، أرسل وزير خارجيته جميل مردم بك إلى مصر بناءً على دعوة النحاس باشا، للمشاركة في اجتماعات تهدف إلى تعزيز الوحدة والتعاون بين الدول العربية. كانت جامعة الدول العربية خطوة مهمة في تعزيز التضامن العربي، وكان القوتلي مؤمنًا بأن التعاون العربي هو السبيل لمواجهة التحديات المشتركة.

ومع ذلك، لم تكن فرنسا مستعدة للتخلي عن سوريا بسهولة. في 29 مايو 1945، شنت القوات الفرنسية عدوانًا على دمشق، في محاولة لإجهاض حركة الاستقلال المتنامية. استهدف العدوان مواقع حيوية في المدينة، وقصف البرلمان والمناطق السكنية في محاولة لإرهاب السكان وقمع المقاومة. لم يكن القوتلي مستعدًا للرضوخ، بل أظهر شجاعة واستعدادًا للتضحية من أجل الوطن.

في مواجهة هذا العدوان، لجأ القوتلي إلى المجتمع الدولي وحلفاء سوريا. اتصل بالملك عبد العزيز آل سعود والملك فاروق، كما طلب الدعم من بريطانيا. استجاب رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بسرعة، وأصدر إنذارًا نهائيًا للفرنسيين بالانسحاب الفوري من سوريا. كان التدخل البريطاني حاسمًا في إنهاء العدوان الفرنسي، حيث اضطرت القوات الفرنسية للانسحاب وتسليم المواقع الحيوية للحكومة السورية.

بفضل هذه الجهود والتضحيات، تحقق الحلم السوري بالاستقلال. في 17 أبريل 1946، أُعلن عيد الجلاء الأول، حيث رفعت الأعلام السورية فوق سماء دمشق، معلنة نهاية الانتداب وبداية حقبة جديدة من الحرية والسيادة. ألقى القوتلي خطابًا مؤثرًا في هذا اليوم التاريخي، مؤكدًا على أن الشعب السوري بفضل وحدته وتصميمه قد حقق النصر. كان هذا الحدث تتويجًا لسنوات من النضال والعمل الدؤوب، وجعل من شكري القوتلي رمزًا وطنيًا لا يُنسى في تاريخ سوريا الحديث.

حرب فلسطين والانقلابات العسكرية

عند اندلاع حرب فلسطين عام 1948، كانت الأوضاع السياسية والعسكرية في المنطقة شديدة التوتر. دخل الجيش السوري المعركة تحت قيادة الرئيس شكري القوتلي، وكان الهدف دعم الجهود العربية المشتركة لمنع قيام دولة إسرائيل. على الرغم من التحضيرات والمحاولات المتعددة لتحقيق النصر، إلا أن القوات العربية بما فيها الجيش السوري تكبدت هزائم على يد القوات الصهيونية المدعومة من القوى الغربية.

كانت هزيمة الجيش السوري في فلسطين بمثابة صدمة كبيرة للقوتلي والشعب السوري بشكل عام. أعادت هذه الهزيمة ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية في البلاد، وأدت إلى استياء عارم في صفوف الجيش وضباطه. شعرت القوى العسكرية بأن الحكومة لم تكن قادرة على توفير الدعم والموارد اللازمة لتحقيق الانتصار، ما دفعهم إلى البحث عن بدائل سياسية وعسكرية لقيادة البلاد.

في هذا السياق المتوتر، استغل حسني الزعيم، قائد الجيش، هذه المشاعر والنقمة للقيام بانقلاب عسكري على شكري القوتلي في ليلة 29 مارس 1949. جاء الانقلاب بعد فترة من الاستعدادات السرية والدعم الداخلي والخارجي لبعض القوى. تمكن الزعيم من اعتقال القوتلي ووضعه في سجن المزة، قبل نقله إلى مستشفى الشهيد يوسف العظمة بسبب تدهور حالته الصحية.

فرض حسني الزعيم نفسه حاكمًا عسكريًا على سوريا، وسرعان ما تقدم القوتلي باستقالته من الرئاسة في 6 أبريل 1949، بوساطة قام بها رئيس المجلس النيابي فارس الخوري. كانت استقالة القوتلي بمثابة نهاية مرحلة وبداية أخرى مليئة بالتحديات. بعد استقالته، تم نفيه إلى سويسرا ثم إلى مصر، حيث أقام هناك حتى سقوط حكم الزعيم في أغسطس 1949.

لم تستقر الأوضاع في سوريا طويلاً بعد سقوط حسني الزعيم، حيث تعاقب على الحكم عدة قادة عسكريين، وكان كل منهم يسعى لفرض سيطرته وتوجيه البلاد وفق مصالحه. بعد سقوط الزعيم، جاءت فترة حكم سامي الحناوي ثم فوزي سلو وأخيرًا أديب الشيشكلي. كانت هذه الفترات مليئة بالانقلابات والتوترات السياسية والعسكرية، مما جعل الأوضاع في البلاد شديدة الهشاشة.

في نهاية المطاف، سقط حكم الشيشكلي في فبراير 1954، وعادت الحياة السياسية في سوريا إلى مسارها الطبيعي. بفضل دعم الشعب ونخبة من السياسيين والعسكريين، عاد القوتلي إلى سوريا في 7 أغسطس 1954، حيث استقبل بحفاوة بالغة من قبل أنصاره. أعلن القوتلي نيته الترشح لرئاسة الجمهورية مرة أخرى، وبدأ يعد حملته الانتخابية بجدية وحماس.

في الانتخابات الرئاسية لعام 1955، فاز شكري القوتلي برئاسة الجمهورية للمرة الثالثة، بعد منافسة حامية الوطيس مع خالد العظم. كان فوزه بمثابة إعادة الأمل للشعب السوري بعودة الاستقرار والسيادة الكاملة. بدأ القوتلي فترة رئاسته الثالثة بعزيمة قوية وإصرار على تحقيق أهدافه الوطنية، ممثلًا رمزًا للثبات والصمود في وجه التحديات.

الوحدة مع مصر والانفصال

في أواخر الخمسينيات، كانت الأجواء السياسية في العالم العربي تشهد تغييرات جذرية، وكان حلم الوحدة العربية يجذب الكثير من القادة والشعوب. في هذا السياق، أدرك شكري القوتلي أهمية التعاون العربي لتحقيق الأهداف المشتركة. في عام 1958، وبعد مفاوضات مكثفة، وقع القوتلي اتفاقية الوحدة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر، معلنين تشكيل الجمهورية العربية المتحدة. كانت هذه الوحدة نتاج تطلعات شعبية وسياسية قوية تهدف إلى تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

كانت الوحدة بين سوريا ومصر تحت راية جمال عبد الناصر تمثل تحقيقًا لحلم طالما راودهما. عبد الناصر، بشعبيته الجارفة وسياساته التحررية، كان يُنظر إليه كقائد عربي قوي قادر على تحقيق الوحدة العربية. أما القوتلي، فقد رأى في هذه الوحدة فرصة لتعزيز استقلال سوريا وتأمين مستقبلها السياسي والاقتصادي. ومع ذلك، لم تخلِ هذه الخطوة من التحديات والصعوبات.

بعد توقيع اتفاقية الوحدة، برزت العديد من المشاكل والتجاوزات التي أزعجت القوتلي وزعماء سوريين آخرين. بدأت هذه المشاكل تظهر مع تطبيق سياسات التأميم التي تبناها عبد الناصر. في سبتمبر 1958، صدر قانون الإصلاح الزراعي الذي قضى بتوزيع الأراضي على الفلاحين ونزع ملكية كبار الملاك. تلا ذلك قرارات تأميم المصارف والمصانع في يوليو 1961، مما أدى إلى انهيار النخبة الاقتصادية السورية التي كانت تُعد من أبرز داعمي القوتلي.

كانت هذه السياسات الاشتراكية تمثل خروجًا عن النهج الاقتصادي والسياسي الذي تبناه القوتلي طوال حياته، ما أثار قلقه وشكوكه بشأن استمرار الوحدة. بصفته رئيسًا سابقًا ورمزًا وطنيًا، شعر القوتلي بالمسؤولية تجاه الحفاظ على تماسك بلاده واقتصادها، ورأى في سياسات التأميم خطرًا يهدد استقرار سوريا ومستقبلها.

اقرأ أيضاً:  تاج الدين الحسني: شخصية بارزة ورمز في التاريخ السوري الحديث

وفي محاولة للحفاظ على الوحدة، سافر القوتلي إلى مصر للاجتماع بعبد الناصر، على أمل إقناعه بالعدول عن قرارات التأميم. حذر القوتلي من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انقسامات وخلافات داخلية تهدد الوحدة. لكنه واجه رفضًا قاطعًا من عبد الناصر، الذي كان مقتنعًا بضرورة تطبيق هذه السياسات لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

تفاقمت الأوضاع مع مرور الوقت، وبدأت الهوة تتسع بين القوتلي وعبد الناصر. شعرت العديد من القوى السياسية والعسكرية في سوريا بالاستياء من سياسات الوحدة والتأميم، ما أدى إلى تزايد الضغوط والانقسامات الداخلية. كانت هذه الأجواء المشحونة بمثابة مقدمة للانقلاب العسكري الذي وقع في 28 سبتمبر 1961، بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي.

كان القوتلي في سويسرا عندما وقع الانقلاب، ولكنه سرعان ما أبدى تأييده للحركة الانفصالية. في 23 أكتوبر 1961، ظهر على شاشة التلفزيون السوري وشن هجومًا عنيفًا على الوحدة والتجاوزات التي رافقتها. انتقد القوتلي سياسات عبد الناصر ووصف جهاز الحكم المصري بأنه كان “جلاد الشعب” واعتبر أن الوحدة لا تعني الضم بل التعاون الفعلي بين الشعوب.

كانت كلماته تعبيرًا عن خيبة أمله من التجربة الوحدوية، ودعوة للشعب السوري لتحمل مسؤولية تقرير مستقبلهم بأنفسهم. أكد أن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن تحقيقها من خلال سياسات القمع والتأميم، بل عبر الحوار والتعاون والاحترام المتبادل بين الدول والشعوب العربية.

بعد الانفصال، ظل القوتلي رمزًا للنضال الوطني والتفاني في خدمة بلاده، وعاشت سوريا مرحلة جديدة من الاستقلال السياسي بعيدًا عن هيمنة أي قوة خارجية. كانت هذه الأحداث تكملة لسيرة طويلة من التضحية والعمل من أجل حرية واستقلال سوريا.

السنوات الأخيرة والوفاة

بعد الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961، اختار شكري القوتلي التقاعد عن الحياة السياسية. قرر أن يقضي سنواته الأخيرة بعيداً عن الصخب السياسي، متنقلاً بين دمشق وجنيف وبيروت، مكرسًا وقته للاسترخاء والتأمل في حياته ومسيرته. كانت تلك السنوات فرصة له ليستعيد بعض الهدوء بعد عقود من النضال السياسي والعمل الوطني.

في دمشق، كان القوتلي يحظى باحترام وتقدير كبيرين من الشعب السوري، الذي لم ينسَ تضحياته وجهوده لتحقيق استقلال البلاد ووحدتها. لكنه واجه أيضًا تحديات عدة خلال تلك الفترة، حيث شهدت سوريا العديد من التقلبات السياسية والانقلابات العسكرية، مما جعله يعيش في ظروف غير مستقرة. ورغم ذلك، لم يتخل عن إيمانه بأهمية الوحدة الوطنية والعمل من أجل مستقبل سوريا.

في جنيف، كان يجد ملاذًا من الهدوء بعيدًا عن الضغوط السياسية، حيث كان يستفيد من الوقت للقراءة والتأمل في الأحداث التاريخية التي عاشها. كانت له لقاءات مع شخصيات سياسية ودبلوماسية بارزة، مما ساهم في تعزيز مكانته الدولية وترك أثر إيجابي على علاقات سوريا الخارجية.

أما في بيروت، فقد كان القوتلي يقيم مع أفراد أسرته ويتردد بين الحين والآخر إلى دمشق، حيث كان يزور أهله وأصدقاءه. كانت بيروت في تلك الفترة مدينة نابضة بالحياة، مما أتاح له فرصة للتواصل مع الجاليات السورية واللبنانية والعربية بشكل عام. بقي القوتلي على اتصال دائم مع الزعماء السياسيين في المنطقة، مسهمًا في تعزيز الروابط العربية وتبادل الأفكار حول مستقبل الأمة.

لكن في 5 يونيو 1967، شنت إسرائيل هجومًا على الدول العربية في حرب تُعرف بحرب الأيام الستة، والتي انتهت بسرعة لصالح الإسرائيليين وأسفرت عن احتلالهم لمناطق واسعة، بما في ذلك هضبة الجولان السورية. كان لهذا الحدث تأثير كبير على القوتلي، الذي شعر بمرارة الهزيمة والانكسار. في 30 يونيو 1967، تعرض القوتلي لذبحة قلبية إثر سماعه نبأ سقوط الجولان في يد إسرائيل، وتوفي في بيروت عن عمر ناهز 75 عامًا.

أُعيد جثمان القوتلي إلى دمشق بناءً على وصيته، وجُلل بالعلم السوري تقديرًا لتضحياته ونضاله. خرجت له جنازة شعبية مهيبة لم تشهد مثلها دمشق من قبل، حيث احتشد الآلاف من المشيعين ليعبروا عن حبهم وتقديرهم للرئيس الأسبق. صاح المشيعون: “لا إله إلا الله وشكري بك حبيب الله”، مؤكدين على مكانته الكبيرة في قلوب السوريين.

صُلي على شكري القوتلي في الجامع الأموي، ووري الثرى في مدافن الأسرة في مقبرة الباب الصغير، حيث يُكرم حتى اليوم كأحد أعظم زعماء سوريا في تاريخها الحديث. ترك القوتلي وراءه إرثًا غنيًا من النضال والتفاني في خدمة الوطن، وسيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال كرمز للحرية والوحدة.

تخليد ذكرى القوتلي

أُطلق اسم شكري القوتلي على شوارع رئيسية في جميع المدن السورية تكريمًا لدوره البارز في تحقيق استقلال البلاد وتوحيدها. في دمشق، أصبح الشارع الواصل بين ساحتي المرجة والأمويين يحمل اسمه، وأصبح هذا الشارع موطنًا لمعرض دمشق الدولي وعدد من الفنادق الفخمة مثل المريديان والفورسيزنز. لم يقتصر هذا التكريم على سوريا وحدها، بل شمل العديد من الدول العربية، حيث أُطلق اسمه على شوارع في القاهرة ومدينة المحلة الكبرى بمصر، وذلك تقديرًا لدوره الفاعل في الساحة العربية والإقليمية.

إلى جانب تسمية الشوارع، نُشرت العديد من الكتب التي تسلط الضوء على حياته وجهاده. أحد أبرز هذه الكتب هو “شكري القوتلي: تاريخ أمة في حياة رجل” الذي صدر في مصر عام 1959 للصحفي السوري عبد اللطيف يونس. هذا الكتاب تناول بالتفصيل مسيرة القوتلي منذ نشأته وحتى تحقيق الاستقلال، مقدمًا رؤية شاملة عن حياته وإنجازاته. كتاب آخر مميز هو “جهاد شكري القوتلي” للقاضي عبد الله الخاني، الذي صدر في بيروت عام 2003. الخاني، الذي كان أمينًا عامًا للرئاسة السورية في عهد القوتلي، قدم رؤية داخلية عن حياة القوتلي وأثره على السياسة السورية.

ولم يقتصر تخليد ذكرى القوتلي على الكتب فقط، بل تعداها إلى الأعمال السينمائية والتلفزيونية. ظهر القوتلي كشخصية محورية في العديد من الأعمال، مما ساهم في ترسيخ مكانته في الذاكرة الجماعية. في مسلسل “هجرة القلوب إلى القلوب” للمخرج هيثم حقي (1990)، والمسلسل التاريخي “نزار قباني” للمخرج باسل الخطيب (2005)، جسد القوتلي دورًا مهمًا في السياق الدرامي. كما ظهر في فيلم “الليل” للمخرج محمد ملص، حيث لعب الفنان رفيق سبيعي دور القوتلي، وفي فيلم “جمال عبد الناصر” للمخرج أنور القوادري. هذه الأعمال الفنية أعادت سرد تاريخ القوتلي وأبرزت دوره في تحقيق الجلاء واستقلال سوريا.

في عام 2024، قام الممثل باسل حيدر بتجسيد شخصية القوتلي في مسلسل “تاج”، من إخراج سامر البرقاوي. تم تعديل ملامح وجهه لتصبح أقرب إلى ملامح الرئيس السوري بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما أضاف بعدًا واقعيًا للشخصية وساهم في تعزيز فهم الجمهور لدوره التاريخي.

وفي إشارة إلى إرثه المستمر، احتفظت عائلة القوتلي بمذكراته التي لم تُنشر حتى اليوم، مما يعزز مكانته كشخصية محورية في تاريخ سوريا ويثير الاهتمام بمعرفة المزيد عن حياته ورؤاه. اسمه لم يكن مجرد اسم عابر في التاريخ، بل رمز للنضال والتفاني من أجل الحرية، وسيظل محفورًا في ذاكرة الأجيال كمثال يُحتذى به لكل من يسعى لخدمة وطنه بإخلاص وتفاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى