التراث المادي

نشوء وتطور المتاحف في سوريا، معالم التراث السوري

تاريخ المتاحف يعكس رحلة البشرية في البحث عن المعرفة والفن والجمال. في هذه المقالة، نأخذكم في جولة تاريخية لاستكشاف نشوء وتطور المتاحف في سوريا، حيث نغوص في عمق التراث السوري لنكتشف كيف بدأت هذه المؤسسات الثقافية وما دورها في حفظ التراث والتاريخ. نبدأ بالتعرف على مفهوم المتحف وأصله، ثم ننتقل إلى تطور المتاحف السورية منذ نشأتها بعد الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا، مسلطين الضوء على أهم المتاحف التي تحتضنها سوريا اليوم. سنناقش أيضاً الأهمية الإدارية للمتاحف والهيكل التنظيمي لها، مع تقديم نظرة شاملة على المتاحف المتنوعة التي تتوزع في مختلف المحافظات السورية. استعدوا لرحلة تثقيفية ممتعة نستعرض فيها جزءاً هاماً من تاريخ سوريا الثقافي عبر بوابة المتاحف.

تعريف المتحف

تعود لفظة متحف (musuem) أو (musee) إلى كلمة لاتينية هي موزيون (Mouscion) التي أطلقها الإغريق على معبد مُشَيَّدٍ على تل هيليكون في إكربول في أثينا، وكان هذا المعبد مخصصاً لربات الفنون اللاتي يعبدون ويدعون موزيس (Muses)، وكانت كل واحدة من هذه الربات ترعى نوعاً من أنواع الفنون، وكان هذا المعبد يضم كنوزاً هامة مقدمة للآلهة.

أما في اللغة العربية فإن لفظة متحف مشتقة من (أتحفه به) أي أهداه إليه، ولفظة تحفة تعني الهدية والشيء الفاخر الثمين، كما تدل كلمة متحف على معنى المكان الذي تجمع فيه الهدايا والأشياء الفاخرة والثمينة والآثار الفنية والممتلكات الثقافية والنفائس والقطع النادرة التي تهفو النفوس إلى رؤيتها، وتتطلع إلى التأمل فيها والإعجاب بها وغيرها من المواد الأخرى.

نشوء وتطور المتاحف في سورية

لم تمتلك سورية أي متحف حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم في عام 1919 أُسِّسَ ديوان المعارف في مدينة دمشق، وكانت من مهامه المحافظة على الآثار، وخصصت إحدى قاعاته في مبنى المدرسة العادلية مقراً لمتحف دمشق، وأشرف على إقامته عبده كحيل، وقامت العائلات في المدينة بإهداء المتحف الوليد مجموعات شكلت النواة الأولى لمتحف دمشق، وثم نقل المتحف إلى المبنى الحالي عام 1936 وفيما بعد وسع بناؤه على مراحل عدة.

اقرأ أيضاً:  كيفية إحياء الموسيقى الشعبية السورية: نهضة ثقافية

خلال فترة الاستعمار الفرنسي لسورية أنشئ متحف السويداء عام 1925 ومتحف حلب عام 1928، ومع الاستقلال بدأت النهضة في سورية، وتتالت عمليات إنشاء المتاحف في كل المحافظات، وتضم سورية اليوم أكثر من 100 متحف ذي اختصاصات مختلفة غالبيتها متاحف أثرية. وكان الهدف الرئيس من إنشائها خلال هذه الفترة هو الحفاظ على القِطع الأثرية التي تم فصلها عن بيئتها الأصلية وعن وظيفتها الأولى، كما كان إنشاء أغلب المتاحف يتم في مبان أثرية وتاريخية، إذ نقل بعضها من مبان حديثة أنشئت خصيصى لتكون متاحف، وللمتاحف عدة أنواع رئيسة تتمثل فيما يأتي:

1 –متاحف وطنية (National museums)، (Musées nationaux).

2 –متاحف إقليمية (Regional museums)، (Musées regionaux).

3 –متاحف مواقع أثرية (Museums of archaeological sites)، (Musées des sites archeologiques).

4 –متاحف تقاليد شعبية (Museums of pupil traditions)، (Musées des traditions pupillaires).

5 –متاحف متخصصة (Specialized museums)، (Musées spécialisés).

أما بالنسبة للتبعية الإدارية للمتاحف السورية فأغلبها تتبع إلى وزارة الثقافة –المديرية العامة للآثار والمتاحف –دائرة المتاحف التي تضم ثلاثة أقسام رئيسة (التوثيق المتحفي، والتطوير المتحفي، والتعليم والاتصال)، ولكل متحف مدير يسمى بأمين المتحف، وفي حالة المتاحف الكبيرة كالمتحف الوطني يعين أمناء فرعيون لكل قسم من أقسام المتحف.

وثمة متاحف تتبع إلى الوزارات الأخرى، كالمتحف الحربي وبانوراما حرب تشرين يتبعان إلى وزارة الدفاع، والمتحف الزراعي يتبع إلى وزارة الزراعة، ومتحف البريد والمعدات البريدية يتبع إلى وزارة الاتصالات، وتتوزع المتاحف في سورية على كل أراضي المحافظات دون استثناء. ونذكر منها المتاحف الرئيسة التي تحفظ وتعرض الآثار حسب المحافظة.

المحافظةاسم المتحفمتاحف المواقع الأثريةعدد المتاحف الأثرية
الحسكةمتحف الحسكة 1
اللاذقيةمتحف اللاذقيةمتحف رأس شمرا2
القنيطرةمتحف القنيطرة 1
الرقةمتحف الرقةمتحف قلعة جعبر2
السويداءمتحف السويداءمتحف شهبا2
درعامتحف درعامتحف بصرى2
دير الزورمتحف دير الزور 1
دمشقالمتحف الوطني، ومتحف الخط، ومتحف الطب والعلوممتحف دمشق التاريخي4
ريف دمشقمتحف دير عطية 1
حلبمتحف حلب الوطنيمتحف قلعة حلب2
حماةمتحف حماةمتحف أفاميا2
حمصمتحف حمصمتحف تدمر2
إدلبمتحف إدلبمتحف معرة النعمان2
طرطوسمتحف طرطوسمتحف جزيرة أرواد2
توزع المتاحف الأثرية وأنواعها في المحافظات السورية

خاتمة

في الختام، يعكس تطور المتاحف في سوريا قصة طويلة من الحرص على الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي الثمين. من بداياته المتواضعة بعد الحرب العالمية الأولى إلى يومنا هذا، أصبحت المتاحف السورية ملاذاً للكنوز الأثرية والفنية، تقدم للجمهور فرصة لاستكشاف الماضي والتعلم منه. هذه المؤسسات ليست مجرد أماكن لعرض القطع الأثرية، بل هي جسور تربط بين الأجيال، تنقل المعرفة وتحافظ على هوية الأمة وتاريخها العريق.

اقرأ أيضاً:  المتحف الوطني في دمشق: تاريخ وتطورات

إن أهمية المتاحف لا تكمن فقط في ما تحتويه من قطع نادرة ونفائس، بل في دورها التعليمي والثقافي، وفي قدرتها على تعزيز التفاهم والتواصل بين الثقافات المختلفة. لذلك، فإن دعم هذه المؤسسات والحفاظ عليها يشكل واجباً وطنياً وأخلاقياً لكل فرد في المجتمع. من خلال زيارة المتاحف والاهتمام بما تقدمه، نساهم جميعاً في دعم هذه الجهود النبيلة ونضمن أن تظل هذه الكنوز متاحة للأجيال القادمة.

الأسئلة الشائعة

  ما هو تعريف المتحف؟

  • يعود أصل كلمة “متحف” إلى الكلمة اللاتينية “موزيون” (Mouscion) التي استخدمها الإغريق للإشارة إلى معبد مخصص لربات الفنون في أثينا. في اللغة العربية، تعني كلمة “متحف” المكان الذي يجمع الهدايا والأشياء الفاخرة والثمينة، مثل الآثار الفنية والممتلكات الثقافية والنفائس.

  متى تأسس أول متحف في سوريا؟

  • لم يكن هناك أي متحف في سوريا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. في عام 1919، أسس ديوان المعارف في مدينة دمشق، وتم تخصيص إحدى قاعاته في مبنى المدرسة العادلية لتكون مقراً لمتحف دمشق، مما شكل بداية نشأة المتاحف في سوريا.

  كيف تطورت المتاحف في سوريا خلال فترة الاستعمار الفرنسي وبعد الاستقلال؟

  • خلال فترة الاستعمار الفرنسي، أُنشئت عدة متاحف منها متحف السويداء عام 1925 ومتحف حلب عام 1928. بعد الاستقلال، شهدت سوريا نهضة في إنشاء المتاحف في جميع المحافظات، وأصبح هناك أكثر من 100 متحف ذو اختصاصات مختلفة، غالبيتها متاحف أثرية.

  ما هي الأنواع الرئيسة للمتاحف في سوريا؟

  • تشمل المتاحف الرئيسة في سوريا: المتاحف الوطنية، المتاحف الإقليمية، متاحف المواقع الأثرية، متاحف التقاليد الشعبية، والمتاحف المتخصصة. كل نوع من هذه المتاحف يركز على جوانب معينة من التراث والتاريخ والثقافة.

  إلى أي جهات تتبع المتاحف السورية إدارياً؟

  • أغلب المتاحف السورية تتبع لوزارة الثقافة عبر المديرية العامة للآثار والمتاحف. هناك متاحف أخرى تتبع وزارات مختلفة، مثل المتحف الحربي وبانوراما حرب تشرين التي تتبع لوزارة الدفاع، والمتحف الزراعي الذي يتبع لوزارة الزراعة، ومتحف البريد والمعدات البريدية الذي يتبع لوزارة الاتصالات.
اقرأ أيضاً:  شيخ المحشي السوري: إرث ثقافي ومذاق لا يُنسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى