التراث المادي

نواعير حماة: شهود على عراقة الهندسة المائية والتراث الحضاري لسوريا

تتربع مدينة حماة السورية على ضفاف نهر العاصي، حاملة في طيات تاريخها العريق شواهد حضارية فريدة، أبرزها نواعيرها الشهيرة. لطالما كانت هذه النواعير، بدورانها المهيب وأصواتها المميزة، رمزًا للمدينة وسوريا على حد سواء، تجسد إبداع الإنسان في تسخير قوى الطبيعة لخدمة احتياجاته. تمثل نواعير حماة تحفة هندسية وتاريخية نادرة، تستحق الدراسة والتقدير لما تحمله من قصص وحكايات عبر القرون . هذه المقالة تسعى إلى استكشاف تاريخ هذه النواعير العريقة، والكشف عن جوانبها الهندسية الفريدة، وتبيان أهميتها الثقافية والرمزية، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على وضعها الراهن وجهود الحفاظ عليها، وتأثيرها في سياقها الجغرافي والبيئي.  

التأصيل التاريخي لنواعير حماة

جذور ضاربة في القدم: من العصر الآرامي إلى الحقبة الإسلامية الذهبية

تتعدد الروايات حول تاريخ بناء نواعير حماة، فبينما يرى البعض أن جذورها تمتد إلى العصر الآرامي (قبل 7000 قبل الميلاد) أو الحقبة الرومانية، يشير آخرون إلى أن أقدم تصوير مرئي لها يعود إلى فسيفساء من مدينة أفاميا القديمة، يعود تاريخها إلى عام 469 ميلادي، وتوجد اليوم في حديقة المتحف الوطني بدمشق . تصميم هذه النواعير القديمة يشابه إلى حد كبير تصميم نواعير حماة الحالية، مما يشير إلى وجود تقليد طويل الأمد في استخدام هذه التقنية في المنطقة .  

الجدول 1: التسلسل الزمني لتطور نواعير حماة

الفترة الزمنيةالأحداث أو الشواهد التاريخية
قبل 7000 قبل الميلاد (تقديرات)نظريات تشير إلى أصول آرامية محتملة لنواعير حماة.
الحقبة الرومانية (تقديرات)نظريات أخرى تربط أصول النواعير بالحقبة الرومانية.
469 ميلاديأقدم تصوير مرئي لناعورة بتصميم مشابه لنواعير حماة الحالية، موجود في فسيفساء أفاميا.
القرن التاسع الميلاديإشارات من مؤرخين وكتابات إسلامية تشير إلى وجود نواعير في حماة.
القرن الثاني عشر الميلاديأدلة قوية تشير إلى وجود العديد من النواعير العاملة في حماة.
1361 ميلاديبناء النورية المحمدية، استنادًا إلى النقوش الموجودة عليها.
1453 ميلاديبناء النورية المأمونية، استنادًا إلى النقوش الموجودة عليها.

تشير هذه الفسيفساء إلى أن فكرة استخدام الدواليب المائية في المنطقة لها جذور عميقة، ولكن من المرجح أن التصميم والحجم المميزين لنواعير حماة تطورا عبر الزمن. فقد شهد العصر الإسلامي الذهبي تطورًا ملحوظًا في الهندسة وتقنيات الري، مما يجعل من المحتمل أن تكون النواعير الكبيرة التي نشاهدها اليوم قد تطورت خلال هذه الفترة أو ما بعدها .  

يذكر المؤرخون والكتابات الإسلامية وجود النواعير في حماة في القرنين التاسع والثاني عشر الميلاديين . كما أن النقوش الموجودة على بعض النواعير الكبيرة توفر تواريخ محددة لبنائها، مثل النورية المحمدية التي بنيت عام 1361 ميلادي والنورية المأمونية التي يعود تاريخها إلى عام 1453 ميلادي . هذه النقوش لا تحدد فقط تاريخ البناء، بل تشير أيضًا إلى أسماء الحكام أو الشخصيات البارزة التي أمرت أو أشرفت على إنشائها . هذه المعلومات التاريخية تؤكد على الأهمية التي كانت توليها السلطات المتعاقبة لهذه المنشآت الحيوية.  

وظيفة أساسية للحياة: الري وتلبية احتياجات المدينة

كان الغرض الأساسي من إنشاء نواعير حماة هو رفع المياه من نهر العاصي إلى مستوى أعلى من مجرى النهر، وذلك لري الأراضي الزراعية والبساتين المحيطة بالمدينة . نظرًا لانخفاض منسوب نهر العاصي في أراضي حماة عن مستوى الحوض الذي يجري فيه، كانت النواعير الوسيلة الأكثر فعالية لرفع المياه واستغلالها . لم تقتصر وظيفة النواعير على الري الزراعي فحسب، بل كانت أيضًا توفر المياه للمساجد والحمامات العامة والمنازل والنافورات داخل المدينة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لسكان حماة .  

بالإضافة إلى ذلك، لعبت النواعير دورًا اقتصاديًا هامًا في الماضي، حيث كانت تستخدم كمصدر للطاقة لتشغيل الطواحين والمعاصر، مما ساهم في ازدهار النشاط التجاري والصناعي في المدينة . هذا الاستخدام المزدوج للنواعير، لرفع المياه وتوليد الطاقة، يؤكد على أهميتها الحيوية في اقتصاد حماة قبل ظهور التقنيات الحديثة.  

اقرأ أيضاً:  العجائب المعمارية في سوريا القديمة: لمحة تاريخية

محطات تاريخية بارزة: من الفسيفساء القديمة إلى نقوش السلالات الحاكمة

حظيت نواعير حماة باهتمام خاص من قبل مختلف السلالات الحاكمة التي تعاقبت على حكم المنطقة، بما في ذلك السلاجقة والأتابكة والزنكيون والأيوبيون والمماليك والعثمانيون . فقد أمر نور الدين محمود بن زنكي بحملة إعادة بناء واسعة بعد زلزال عام 1157 ميلادي، شملت ترميم نظام المياه والنواعير في حماة . كما أن بناء النواعير الكبيرة خلال عهد المماليك والعثمانيين، مثل النورية المحمدية والمأمونية، يشير إلى استمرار اهتمام الحكام بتطوير هذا النظام المائي الحيوي . هذه الرعاية المستمرة من قبل السلطات المتعاقبة تدل على الأهمية الاستراتيجية للنواعير ودورها الأساسي في ازدهار المدينة واستدامتها.  

روعة التصميم والهندسة

مكونات فريدة: الأخشاب المستخدمة وآلية الدوران

تتكون نواعير حماة من عجلة خشبية ضخمة تدور بفعل قوة تيار نهر العاصي . يتم تثبيت صناديق أو دلاء خشبية تسمى “غرف” أو “سواني” على محيط هذه العجلة . عندما تدور العجلة، تمتلئ هذه الصناديق بالماء من النهر، ثم يتم تفريغ حمولتها في قناة علوية تسمى “الساقية” . ومن هذه الساقية، يتدفق الماء عبر قنوات متفرعة لري المدينة وأراضيها الزراعية .  

تعتمد آلية عمل النواعير على تصميم “الدولاب السفلي” حيث يدفع تيار النهر من الأسفل ألواح العجلة، مما يؤدي إلى دورانها بشكل مستمر . هذا التصميم الذكي يستغل قوة النهر بكفاءة لرفع المياه دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر أو مصدر طاقة خارجي .  

يتم اختيار أنواع الأخشاب المستخدمة في بناء النواعير بعناية فائقة، حيث يصنع المحور المركزي والمساند الضخمة من خشب الجوز القوي والمتين، بينما تستخدم أخشاب الحور المرنة للأذرع الطويلة . أما الأجزاء الثانوية مثل الصفائح والقباب فتصنع من خشب المشمش والصنوبر . هذا الاختيار الدقيق لأنواع الأخشاب، بناءً على خصائصها من حيث القوة والمرونة ومقاومة الماء، يعكس معرفة تقليدية عميقة بعلوم المواد والهندسة .  

أبعاد شامخة: أحجام متنوعة وشاهدا على براعة الصنع

تتفاوت أحجام نواعير حماة، حيث يتراوح قطرها بين 7 أمتار و21.7 مترًا . تعتبر النورية المحمدية، التي يبلغ قطرها 21 مترًا و70 سنتيمترًا، من بين أكبر وأضخم النواعير على الإطلاق، وكانت تعتبر الأطول في العالم لما يقرب من 500 عام . تحتوي هذه النواعير الكبيرة على عدد كبير من الصناديق المائية، حيث تصل إلى 120 صندوقًا في النورية المحمدية، ويقدر وزنها بحوالي 500 كيلوغرام . يمكن لهذه النواعير أن ترفع كميات كبيرة من المياه، حيث تضخ النورية المحمدية حوالي 200,000 لتر من الماء في الساعة، وتكمل دورة كاملة كل دقيقة . هذه الأبعاد الشامخة والقدرة الهائلة على رفع المياه تشهد على براعة الصنع والمهارة الهندسية التي تميز بها بناة هذه النواعير العريقة.  

الجدول 2: مقارنة بين أبعاد بعض نواعير حماة البارزة

اسم الناعورةالقطر التقريبي (متر)عدد الصناديقكمية المياه المرفوعة في الساعة (لتر)
النورية المحمدية21.7120200,000
النورية المأمونية21غير محددغير محدد
ناعورة الخضورة17.5غير محددغير محدد
ناعورة البصرية18غير محددغير محدد
ناعورة العثمانية11غير محددغير محدد
ناعورة القيمرية7غير محددغير محدد

ابتكار في استغلال قوة المياه: السدود والقنوات المائية

لا تقتصر روعة تصميم نواعير حماة على الدواليب الخشبية فحسب، بل تشمل أيضًا نظامًا متكاملًا من السدود الصغيرة (الهدارات) والقنوات المائية (الأقنية) . يتم بناء هذه الهدارات مباشرة أمام النواعير لتركيز قوة تيار النهر وتوجيهه نحو عجلة الناعورة، مما يضمن دورانها بكفاءة عالية . أما الأقنية المائية، فتبنى على أقواس حجرية عالية وتمتد لمسافات طويلة لنقل المياه المرفوعة إلى مختلف أنحاء المدينة والأراضي الزراعية . هذا النظام المتكامل يعكس فهمًا عميقًا لمبادئ الهيدروليكا وكيفية استغلال قوة المياه بأقصى قدر ممكن .  

اقرأ أيضاً:  شيخ المحشي السوري: إرث ثقافي ومذاق لا يُنسى

رمزية ثقافية عميقة

بصمة في ذاكرة المدينة: النواعير جزء من هوية حماة

تعتبر نواعير حماة أكثر من مجرد آلات لرفع المياه؛ إنها رمز للحضارة القديمة للمدينة وتراثها الثقافي الفريد . لقد أصبحت هذه النواعير معلمًا سياحيًا هامًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، الذين يأتون للاستمتاع بجمالها ومشاهدة حركتها الدائمة على ضفاف نهر العاصي . حتى بعد أن فقدت وظيفتها الأساسية في توفير المياه، بقيت النواعير جزءًا لا يتجزأ من هوية حماة وذاكرتها الجماعية .  

حضور في الفنون والآداب: انعكاس النواعير في إبداعات المنطقة

غالبًا ما تظهر نواعير حماة في اللوحات والصور الفوتوغرافية التي تسعى إلى التقاط جمالها وأهميتها التاريخية . كما أن صوتها المميز، الذي يوصف بأنه يشبه “العويل” أو “موسيقى الأرغن” بسبب احتكاك الأخشاب ببعضها البعض، أصبح جزءًا من المشهد الصوتي للمدينة . هذا الصوت الفريد يضيف بعدًا حسيًا إلى التجربة الثقافية المرتبطة بالنواعير، مما يجعلها ليست مجرد معالم بصرية بل أيضًا عناصر سمعية مميزة .  

حكايات وأساطير: النواعير في الفولكلور الشعبي

على الرغم من عدم وجود معلومات محددة في النصوص المتوفرة حول حكايات أو أساطير شعبية مرتبطة بشكل مباشر بنواعير حماة، فمن المرجح وجود مثل هذه القصص في التراث الشفهي المحلي . يمكن أن تكون هذه الحكايات قد تناقلت عبر الأجيال، حاملة في طياتها قيمًا ومعتقدات شعبية مرتبطة بالنواعير ودورها في حياة المجتمع. يتطلب استكشاف هذا الجانب المزيد من البحث في التراث الشفهي لسكان حماة.  

النواعير اليوم: بين الماضي والحاضر

عدد النواعير الباقية: إحصائيات وحالة الحفظ

تشير المصادر إلى وجود حوالي 17 إلى 24 ناعورة متبقية في مدينة حماة اليوم . بعض هذه النواعير في حالة جيدة وتخضع للصيانة الدورية، بينما يحتاج البعض الآخر إلى ترميم وإصلاح . بالإضافة إلى ذلك، يوجد حوالي 111 ناعورة حجرية بدون عجلة خشبية خارج المدينة، تمتد على طول نهر العاصي من الرستن حتى سهل الغاب .  

الجدول 3: الوضع الحالي لنواعير حماة (تقديرات)

موقع الناعورةعدد النواعير المتبقية (تقديرات)حالة الحفظ (تقديرات)هل لا تزال تعمل؟ (تقديرات)الغرض الحالي (تقديرات)
مدينة حماة17 – 24متفاوتة (جيدة، تحتاج صيانة)بعضها (19 عاملة حسب مصدر)معلم سياحي، بعضها للري (3 حسب مصدر)
خارج مدينة حماة (على طول نهر العاصي)111 (حجرية بدون عجلة خشبية)غير محددةلاغير محدد

وظيفة متغيرة: من الري إلى معلم سياحي

في القرن الحادي والعشرين، لم تعد نواعير حماة تستخدم بشكل أساسي لتوفير المياه، حيث حلت محلها مضخات المياه الحديثة . ومع ذلك، فإنها لا تزال تحتفل بها كنموذج للتكنولوجيا المائية المتقدمة في المجتمعات الإسلامية في العصور الوسطى، وكمعالم سياحية بارزة تجذب الزوار للاستمتاع بجمالها وحركتها . تشير بعض المصادر إلى أن عددًا قليلًا من النواعير لا يزال يعمل لأغراض تجميلية أو لجذب السياح . بينما يذكر مصدر آخر أن ثلاثة نواعير لا تزال تستخدم لري البساتين . هذا التحول في وظيفة النواعير يعكس التغيرات في احتياجات المدينة والاعتراف بقيمتها التاريخية والثقافية كأصول تراثية.  

تحديات تواجه البقاء: عوامل التدهور والصيانة

اقرأ أيضاً:  خانات دمشق في العصر الأموي والعباسي والفاطمي والزنكي

تواجه نواعير حماة العديد من التحديات التي تهدد بقاءها على المدى الطويل. تشمل هذه التحديات التدهور الطبيعي للأخشاب بسبب عوامل الطقس والتعرض المستمر للمياه، بالإضافة إلى نقص الصيانة الدورية بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية . كما أن سرقة الأخشاب أو حرقها خلال فترات النزاعات قد ألحق أضرارًا ببعض النواعير . بالإضافة إلى ذلك، أدى بناء سد الرستن على نهر العاصي في عام 1960 إلى انخفاض منسوب المياه في النهر، مما أثر سلبًا على قدرة بعض النواعير على العمل . كما أن الأقنية المائية التي كانت تنقل المياه المرفوعة قد تضررت أو تم تدمير أجزاء كبيرة منها بمرور الوقت . هذه العوامل مجتمعة تشكل تهديدًا حقيقيًا لبقاء هذا الإرث الحضاري الفريد.  

جهود مضنية للحفاظ على الإرث

مبادرات الترميم: مشاريع محلية ودولية لإعادة الحياة للنواعير

تبذل جهود كبيرة للحفاظ على نواعير حماة وترميمها، سواء من قبل الحكومة المحلية أو منظمات أخرى . تقوم عائلات من النجارين المهرة في حماة بأعمال الصيانة الدورية للنواعير، حيث توارثوا هذه الحرفة عبر الأجيال . كما تم تنفيذ العديد من مشاريع الترميم على مر السنين، بما في ذلك ترميم النورية المحمدية في عام 1977 وترميم سبع نواعير أخرى في عام 1988 . وفي إطار مشروع حماية التراث المعماري في سوريا، تم الانتهاء من ترميم ناعورة الجابرية بتكلفة 4 ملايين ليرة سورية . هذه الجهود المستمرة تعكس الالتزام بالحفاظ على هذا الإرث الإنساني القيم.  

دور اليونسكو والمجتمع الدولي: اعتراف بأهمية النواعير

تم إدراج نواعير حماة على القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو منذ عام 1999 . هذا الاعتراف من قبل اليونسكو يسلط الضوء على الأهمية العالمية لهذه النواعير كجزء من التراث الإنساني المشترك، ويزيد من فرص الحصول على دعم دولي لجهود الحفاظ عليها وحمايتها . كما أن هناك جهودًا تبذل من قبل الحكومة السورية والمجتمع الدولي لتعزيز الحفاظ على النواعير وجعلها في وضع أفضل .  

الحفاظ على حرفة صناعة النواعير: جهود نقل المعرفة للأجيال القادمة

إدراكًا لأهمية الحفاظ على حرفة صناعة وترميم النواعير، تبذل جهود لنقل هذه المعرفة التقليدية إلى الأجيال الشابة . فمع تناقص عدد الحرفيين المهرة، يصبح من الضروري تدريب جيل جديد من النجارين القادرين على صيانة وترميم هذه المنشآت التاريخية . هذه الجهود تضمن استمرار هذه الحرفة اليدوية الفريدة وعدم اندثارها بمرور الزمن.  

النواعير في سياقها الجغرافي والبيئي

نهر العاصي: شريان الحياة والنواعير

تقع نواعير حماة على طول نهر العاصي الذي يمر عبر مدينة حماة . يعتبر نهر العاصي شريان الحياة للمدينة، حيث كان المصدر الرئيسي للمياه التي رفعتها النواعير لري الأراضي وتلبية احتياجات السكان . العلاقة الوثيقة بين النهر والنواعير تجسد اعتماد هذه التقنية القديمة على الموارد الطبيعية، وتبرز في الوقت نفسه مدى تأثرها بأي تغييرات في تدفق النهر ومستويات المياه .  

تأثير على البيئة والزراعة: دور تاريخي في ازدهار المنطقة

لعبت نواعير حماة تاريخيًا دورًا حاسمًا في ازدهار الزراعة في المنطقة . من خلال توفير المياه للري، ساهمت النواعير في تحويل الأراضي القاحلة إلى بساتين وحقول خضراء، مما دعم تطور مجتمعات مستقرة ومزدهرة على ضفاف نهر العاصي . كانت بعض النواعير مخصصة لري الحقول الزراعية، بينما كانت أخرى تستخدم لري البساتين الحضرية وتوفير مياه الشرب . هذا التأثير التاريخي للنواعير على الزراعة يوضح كيف يمكن للإبداع البشري، جنبًا إلى جنب مع الموارد الطبيعية، أن يحقق تنمية مستدامة ويدعم ازدهار المجتمعات على مر القرون .  

تحديات الموارد المائية: تأثير سد الرستن والتغيرات المناخية

أدى بناء سد الرستن على نهر العاصي في عام 1960 إلى انخفاض كبير في منسوب المياه في النهر، مما أثر سلبًا على قدرة النواعير على العمل بكامل طاقتها . بالإضافة إلى ذلك، تواجه المنطقة تحديات متزايدة تتعلق بموارد المياه بسبب التغيرات المناخية والجفاف المتكرر، مما يزيد من الضغط على نهر العاصي ويؤثر على استدامة نظام النواعير . هذه التحديات تتطلب تفكيرًا متأنيًا في إدارة الموارد المائية وإيجاد حلول مستدامة توازن بين احتياجات التنمية الحديثة والحفاظ على التراث التاريخي والبيئي للمنطقة .  

مصادر المعرفة: نظرة على الدراسات والأبحاث:

تم الاستعانة بمجموعة متنوعة من المصادر في كتابة هذه المقالة، بما في ذلك المقالات الإخبارية، والدراسات الأكاديمية، والمواقع الإلكترونية المتخصصة في التاريخ والتراث والهندسة. هذا التنوع في المصادر يهدف إلى تقديم معلومات شاملة ودقيقة حول نواعير حماة من وجهات نظر مختلفة.

خاتمة: نواعير حماة: رمز للصمود والإبداع يستحق الحماية والتقدير

تظل نواعير حماة شاهدًا حيًا على عراقة الهندسة المائية والإبداع الحضاري في سوريا. فقد لعبت هذه النواعير دورًا حيويًا في تاريخ المدينة واقتصادها وثقافتها على مر القرون. على الرغم من التحديات التي تواجهها في العصر الحديث، فإن الجهود المستمرة للحفاظ عليها وترميمها تعكس إدراكًا متزايدًا لقيمتها التاريخية والثقافية والإنسانية. إن نواعير حماة ليست مجرد معالم أثرية، بل هي رمز للصمود والإبداع، وتستحق كل الدعم والتقدير لضمان بقائها للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×