عيد النوروز: شعلة الحرية التي أضاءت سوريا من القامشلي إلى دمشق

في ليلةٍ امتزجت فيها رائحة الأرض الرطبة بألسنة النيران المتوهجة، ارتفعت أصوات الأغاني الكردية القديمة في سماء مدنٍ سوريةٍ كانت إلى وقتٍ قريب تخنقها صمت القمع. يوم 21 مارس 2025، لم يكن مجرد بداية للربيع، بل كان فجرًا جديدًا لشعبٍ انتظر ثلاثة آلاف عام ليحتفل بحريته. عيد النوروز، ذلك الاحتفال الذي حوّله الأكراد في سوريا من طقسٍ سريٍّ خلف الجدران إلى مهرجانٍ علنيٍّ يلملم جراح الهوية وينثر بذور الأمل، خرج من ظلام التهميش إلى نور الاعتراف.
لم تكن النيران المشتعلة في ساحات القامشلي وعفيرن وكوباني مجرد إضاءة للسماء، بل شعلةً رمزيةً أحرقت قيودًا فرضها نظام الأسد لعقود. المفارقة؟ أن هذه النيران امتدت لتضيء حتى شوارع دمشق، المدينة التي لم تشهد مثل هذه الاحتفالات منذ زمنٍ ينساه التاريخ. كيف تحوّل عيدٌ كان محظورًا إلى جسرٍ بين الثقافات في سوريا الجديدة؟ ولماذا أصبحت رقصةٌ كرديةٌ في عمودة رسالةً سياسيةً تتردد صداها من الساحل إلى السويداء؟
هذا التقرير يغوص في قلب احتفالاتٍ لم تكن مجرد احتفاء بالربيع، بل ثورة ثقافية صامتة، وُلدت من رماد الحرب، وحملت في طياتها وعودًا بتغييرٍ أكبر… وعقباتٍ لا تزال تقف في الطريق.
النقاط الرئيسة
- يُعتبر عيد النوروز الاحتفال بالسنة الجديدة للأكراد، ويُقام عادةً في 21 مارس، ويرمز إلى بداية الربيع.
- بالنسبة للأكراد في سوريا، يُعد النوروز رمزًا للهوية الثقافية والمقاومة، خاصة بعد سقوط نظام الأسد.
- في 2025، شهدت الاحتفالات حرية غير مسبوقة في مدن مثل القامشلي وعفيرن وكوباني، مع إشعال النيران التقليدية والرقصات.
- تفاجأ البعض برحابة الاحتفالات، حيث شاركت مجتمعات خارج المناطق الكردية، مثل دمشق، في إشعال النيران.
خلفية تاريخية
يمتد تاريخ النوروز إلى أكثر من 3000 عام، وهو مرتبط بالزردشتية، ويحتفل به الأكراد كيوم لتحرير أسطوري من الطغيان. بالنسبة للأكراد في سوريا، كان النوروز محظورًا في ظل نظام الأسد، لكنه أصبح الآن يُحتفل به بحرية.
الاحتفالات في 2025
في مارس 2025، شهدت المدن التي يقطنها الأكراد مثل القامشلي وعمودة احتفالات كبيرة، حيث أشعل الناس النيران التقليدية، ورقصوا الرقصات الكردية، وارتدوا الملابس الوطنية. وما هو غير متوقع هو أن الاحتفالات امتدت إلى دمشق ومناطق ساحلية، مما يعكس قبولًا أوسع للتنوع الثقافي.
السياق السياسي
بعد سقوط نظام الأسد، أدى اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية (SDF) مع الدولة السورية إلى مزيد من الحرية للأكراد، مما عزز رسائل الوحدة خلال الاحتفالات.
ملاحظات تفصيلية
مقدمة
يُعد عيد النوروز، الذي يُحتفل به في 21 مارس، حدثًا محوريًا للأكراد في سوريا، حيث يرمز إلى بداية الربيع والسنة الجديدة، ويحمل دلالات ثقافية وسياسية عميقة. بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهدت الاحتفالات في 2025 حرية غير مسبوقة، مما يعكس تحولًا في السياق السياسي والاجتماعي. هذا التقرير يستعرض التاريخ والأهمية الثقافية للنوروز، بالإضافة إلى تفاصيل الاحتفالات في سوريا عام 2025.
الخلفية التاريخية
يعود تاريخ النوروز إلى أكثر من 3000 عام، وهو مرتبط بالزردشتية، ويُحتفل به في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. بالنسبة للأكراد، يرتبط النوروز بأسطورة كاوا الحداد، الذي هزم الطاغية زهك، مما يرمز إلى انتصار الخير على الشر والبداية الجديدة. في سوريا، كانت الاحتفالات محظورة تحت نظام الأسد، حيث كان الأكراد يُضطرون إلى الاحتفال سرًا في القاعات الكبيرة أو القرى. ومع ذلك، في 1988، أصدر حافظ الأسد مرسومًا جعل يوم النوروز عطلة رسمية، لكنه ربطه بيوم الأم، مع استمرار القيود الأمنية.
الأهمية الثقافية للأكراد
بالنسبة للأكراد، يتجاوز النوروز كونه احتفالًا موسميًا؛ إنه رمز للهوية الوطنية والمقاومة. في سياق سوريا، حيث عانى الأكراد من التهميش، أصبح النوروز تعبيرًا عن الكفاح من أجل الحقوق الثقافية والسياسية. يشمل الاحتفال إشعال النيران، التي ترمز إلى الضوء والطهارة، بالإضافة إلى الرقصات التقليدية، وتلاوة الشعر، والغناء.
تفاصيل الاحتفالات في 2025
في مارس 2025، شهدت المدن الكردية مثل القامشلي، عفيرن، كوباني، الحسكة، وديريك احتفالات كبيرة، حيث جمع آلاف الأشخاص لإشعال النيران التقليدية. وصف سكان مثل شرين شيخي من القامشلي الاحتفال بأنه “المرة الأولى التي نحتفل فيها بالنوروز بدون حكم البعث والأسد”، مشيرين إلى الأمل في سوريا ديمقراطية تحترم حقوق الأكراد. شملت الأنشطة الرقصات الكردية التقليدية، والموسيقى، وارتداء الملابس الوطنية.
ما هو غير متوقع هو أن الاحتفالات امتدت إلى خارج المناطق الكردية، حيث شاركت مجتمعات في المناطق الساحلية وسويدا، بالإضافة إلى دمشق، في إشعال النيران، وهو حدث يُعتبر الأول من نوعه في العاصمة منذ عقود. ووثقت منشورات على منصة X، صورًا للأكراد وهم يحملون المشاعل في عمودة، وحضور قوات سوريا الديمقراطية (SDF) في القامشلي.
السياق السياسي والمستقبل
جاءت احتفالات 2025 في سياق اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية (SDF) مع الدولة السورية، الذي وقّع في أوائل مارس 2025، مما ضمن حقوق الأكراد السياسية والثقافية. وأكدت رسائل من قادة مثل قسد على أن “سوريا لجميع السوريين، بدون تهميش أو استبعاد”. ومع ذلك، أشار تقرير إلى حوادث توتر، مثل الإهانات الموجهة للأكراد خلال الاحتفالات في عفيرن، مما يشير إلى استمرار التحديات.
جدول: تفاصيل الاحتفالات في 2025
المدينة | الأنشطة | الملاحظات |
القامشلي | إشعال النيران، الرقصات | حضور قوات SDF، صور فوتوغرافية واسعة |
عفيرن | الاحتفالات التقليدية | حوادث توتر، مشاركة محدودة |
كوباني | الرقصات والموسيقى | مشاركة كبيرة من السكان المحليين |
دمشق | إشعال النيران | أول احتفال علني منذ عقود |
المناطق الساحلية | إشعال النيران | دعم من المجتمعات غير الكردية |
كانت احتفالات النوروز 2025 حدثًا تاريخيًا للأكراد في سوريا، حيث عكست الحرية الجديدة والأمل في مستقبل ديمقراطي. مع استمرار التحديات، يبقى النوروز رمزًا للوحدة والتجدد، مما يسلط الضوء على طريق سوريا نحو احترام التنوع الثقافي.
الخاتمة
كانت احتفالات النوروز 2025 حدثًا تاريخيًا للأكراد في سوريا، حيث عكست الحرية الجديدة والأمل في مستقبل ديمقراطي. مع استمرار التحديات، يبقى النوروز رمزًا للوحدة والتجدد، مما يسلط الضوء على طريق سوريا نحو احترام التنوع الثقافي.