التراث اللامادي

البقلاوة السورية: تحفة الحلويات الشرقية

البقلاوة ليست مجرد حلوى عادية؛ إنها تجسيد لتاريخ وثقافة غنية تعود لآلاف السنين، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من التراث الغذائي للعديد من الثقافات والشعوب. تتميز البقلاوة بطبقاتها الرقيقة من العجين التي تُحشى بالمكسرات المتنوعة مثل الجوز والفستق الحلبي، وتُغمر بقطر العسل أو الشيرة، الذي يضفي عليها لمسة من الحلاوة الفريدة ويميزها بملمسها المقرمش والهش. هذه الحلوى الشهية تعتبر من أشهر الحلويات في المطبخ السوري، ومنه انتقلت إلى مختلف المطابخ العربية والآسيوية وحتى الأوروبية.

البقلاوة تمتلك تاريخًا طويلًا ومعقدًا، حيث يعود أصلها إلى العصور القديمة. على الرغم من أن نشأتها الدقيقة غير موثقة بشكل كامل، إلا أن هناك أدلة تشير إلى أن جذورها تمتد إلى بلاد الرافدين والإمبراطورية الآشورية. كانت البقلاوة تُحضر في البداية من رقائق العجين الرقيق المحشو بالفواكه المجففة أو المكسرات، والمغلفة بالعسل. عبر العصور، انتقلت الوصفة من حضارة إلى أخرى، وتغيرت وتحسنت بفضل الإضافات المحلية والتقاليد الثقافية المختلفة.

البقلاوة في المطبخ السوري

في المطبخ السوري، تُعتبر البقلاوة من الحلويات الأساسية التي تُقدم في المناسبات الخاصة والأعياد. تتميز البقلاوة السورية بطبقاتها الدقيقة والمتعددة من العجين، المحشوة بالفستق الحلبي المطحون والمزينة بقطر العسل. يتطلب تحضير البقلاوة السورية مهارة ودقة، حيث يجب أن تكون رقائق العجين رقيقة جدًا ومتساوية، ويتم دهنها بالسمنة قبل خبزها لتحقيق القوام المطلوب.

لم تظل البقلاوة حكرًا على المطبخ السوري فقط، بل انتشرت إلى مختلف أنحاء العالم. في تركيا، تُعتبر البقلاوة جزءًا من التراث العثماني، وتُحضر بطرق متعددة وبمكونات متنوعة. في اليونان، تُحلى البقلاوة بالعسل وتُضاف إليها القرفة لإضفاء نكهة مميزة. في بلاد الشام، يتم إضافة ماء الورد وماء الزهر لإضفاء لمسة عطرية فريدة. كما أن البقلاوة قد انتقلت إلى المطابخ الأوروبية، حيث أصبحت تُقدم في المناسبات الخاصة وفي المطاعم الفاخرة كرمز للتنوع الثقافي والثراء الغذائي.

في العصر الحديث، أصبحت البقلاوة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العالمية، وتحظى بشعبية كبيرة في العديد من الدول. تُباع البقلاوة في المتاجر والمخابز حول العالم، وتُقدم في المقاهي والمطاعم الفاخرة كحلوى راقية. تُعد البقلاوة رمزًا للتراث الغذائي والتاريخ الغني، وتُعتبر تجربة تذوقها رحلة عبر الزمن والحدود.

البقلاوة ليست مجرد حلوى؛ إنها تعبير عن تاريخ طويل وثقافات متداخلة. تجسد البقلاوة روح الضيافة والكرم، وتظل واحدة من أكثر الحلويات شهرةً وتقديرًا في العالم. بفضل مكوناتها الفريدة وطريقة تحضيرها المميزة، ستظل البقلاوة دائمًا رمزًا للحلاوة والاحتفال والتاريخ في العالم العربي والعالمي.

التسّمية وأصل الكلمة

كلمة “بقلاوة” مشتقة من اللغة التركية العثمانية، وتُستخدم بتفاوت طفيف في مختلف اللغات. دخلت الكلمة إلى اللغة الإنجليزية في عام 1650م، وهناك تكهنات بأنها تحريف من اسم زوجة سلطان عثماني. التسمية العربية مأخوذة من الأصل التركي، ولكن حسب قاموس هانز فير، قد تكون الكلمة مشتقة من “بقوليات”، بسبب استخدام الفول السوداني في بعض الأحيان في تحضير البقلاوة. بينما هناك رأي آخر يشير إلى أن الكلمة قد تكون مأخوذة من اللغة المنغولية وتعني “الربط واللف”.

إضافة إلى الفرضيات المتعلقة بالأصل التركي والمنغولي للكلمة، هناك تفسيرات أخرى مثيرة للاهتمام. يعتقد بعض الباحثين أن الكلمة قد تكون مشتقة من الكلمة اليونانية “باكلافاس” والتي تعني طبقات العجين المحشوة بالمكسرات والعسل. هذا التفسير يأتي من انتشار البقلاوة في المناطق التي كانت تخضع للحكم البيزنطي، حيث تأثرت تلك المناطق بالثقافة اليونانية.

من ناحية أخرى، يعتبر بعض اللغويين أن الكلمة قد تكون ذات أصول فارسية، حيث يُستخدم في الفارسية مصطلح “باقلاوا” للإشارة إلى نفس الحلوى. يشير هذا التفسير إلى التبادل الثقافي بين الفرس والأتراك في العصور الوسطى، حيث كانت تتبادل الثقافات المختلفة التقاليد الغذائية والمصطلحات اللغوية.

في الوقت الحالي، تُعرف البقلاوة بأسماء مختلفة في العديد من البلدان، وكل ثقافة تضفي لمستها الفريدة على هذه الحلوى الشهية. في تركيا، تُعرف باسم “باكلافا”، بينما في اليونان تُسمى “باكلافاس”. في بلاد الشام، تحافظ على نفس التسمية “بقلاوة”، وتُحلى بماء الزهر أو ماء الورد، مما يضفي عليها نكهة عطرية مميزة. في البلقان، تُعرف بأسماء مشابهة وتُعتبر جزءًا من التراث الغذائي التقليدي.

تُعزى بعض التفسيرات الشعبية لكلمة “بقلاوة” إلى القصص المتداولة بين الناس. يُقال إن اسم البقلاوة جاء من اسم زوجة سلطان تركي كانت طباخة ماهرة، وحينما قدمت هذه الحلوى المميزة للسلطان، أعجب بها إلى حد كبير، وقرر تسميتها باسمها تكريمًا لها. في رواية أخرى، يُقال إن الطباخة “لاوة” في عهد السلطان عبد الحميد هي التي ابتدعت هذه الحلوى، وعندما تذوقها السلطان قال: “باق لاوة” وتعني “انظر ماذا صنعت لاوة”.

اقرأ أيضاً:  التبولة السورية من التراث السوري العريق إلى موائد العالم

مهما كان أصل التسمية الحقيقية للبقلاوة، فإنها تظل واحدة من أشهر الحلويات التي انتشرت عبر الثقافات واللغات، وحافظت على مكانتها المرموقة في المطبخ العالمي. تعكس البقلاوة تاريخًا طويلًا من التبادل الثقافي والتأثيرات المتبادلة بين الشعوب، مما يجعلها أكثر من مجرد حلوى، بل رمزًا للتنوع والتواصل بين الثقافات المختلفة.

العادات والتقاليد

البقلاوة كانت جزءًا من الاحتفالات العثمانية، حيث ظهر موكب البقلاوة في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، في الخامس عشر من شهر رمضان. كان هذا الموكب يتميز بمظاهر الفخامة والاحتفال الباذخ، حيث يتم توزيع صواني البقلاوة على وحدات الانكشارية والوحدات العسكرية في إسطنبول. بعد زيارة السلطان للخرقة الشريفة، يتم تقديم صواني البقلاوة الجاهزة في مراسم احتفالية تُظهر روعة التقليد العثماني وتعزز من مكانة السلطان وهيبته بين الجنود والشعب.

كانت الصواني تُجهز بعناية فائقة في مطابخ القصر السلطاني، حيث يتم إعدادها من أجود المكونات وتزيينها بأفضل المكسرات. كل صينية تُصرّ في فوطة خاصة، وهي نوع من المناشف الفاخرة، وتُصف أمام مطبخ القصر بترتيب منظم. الجنود الذين يُكلفون باستلام الصواني يصطفون مقابلها بانتظام، ليبدأ سيلاحدار آغا بأخذ الصينيتيْن الأوليتيْن باسم السلطان، نظرًا لأن السلطان يُعتبر الانكشاري رقم أول.

يستمر موكب البقلاوة بخروج الجنود من أبواب القصر المفتوحة، حيث يحمل كل جندي صينية البقلاوة على كتفه باستخدام عصا مدهونة بلون أخضر تمر عبر عروات الفوطة. يمشي رؤساء كل فوج في مقدمة الموكب، يتبعهم حاملو صواني البقلاوة في تشكيل منظم ومتناسق. يسير الموكب نحو الثكنات العسكرية في عرض مهيب يعكس التنظيم والانضباط العثماني.

في هذه الأثناء، كان سكان إسطنبول يتجمعون في الأسواق والشوارع لمشاهدة موكب البقلاوة، مُظهرين حبهم وإعجابهم بالسلطان والجنود. كانت هذه الاحتفالات تُعزز من وحدة الصف وتُظهر التلاحم بين القيادة والشعب، حيث كان يُنظر إلى موكب البقلاوة على أنه رمز للعطاء والكرم السلطاني.

إضافةً إلى ذلك، كانت البقلاوة تُستخدم كوسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية وتكريم الضيوف. في الأفراح والمناسبات الخاصة، كانت تُقدم البقلاوة كرمز للضيافة والجود، حيث يُعتبر تقديمها للضيوف نوعًا من التكريم والإجلال. حتى اليوم، تظل البقلاوة جزءًا من المائدة في الأعياد والمناسبات الهامة في العديد من الثقافات، مما يعكس استمرار هذه التقاليد العريقة.

تحظى البقلاوة بمكانة خاصة في الطقوس الرمضانية، حيث تُعد أحد الحلويات الرئيسية التي تُقدم بعد الإفطار. تجتمع العائلات لتحضير البقلاوة في أجواء مليئة بالفرح والسرور، حيث تُعتبر عملية إعدادها فرصة لتقوية الروابط العائلية والاجتماعية. هذا التقليد يعكس مدى أهمية البقلاوة في الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات التي انتشرت فيها.

وبالرغم من مرور الزمن وتغير العصور، لا تزال البقلاوة تحتفظ بمكانتها الخاصة في القلوب والمناسبات. إنها ليست مجرد حلوى، بل هي تجسيد لتاريخ طويل من الاحتفالات والتقاليد التي ترسخت في الثقافة الجماعية للشعوب. تبقى البقلاوة رمزًا للكرم والضيافة، ومرآة تعكس روعة التراث العثماني وأصالته.

التاريخ وأصول البقلاوة

لم يُوَثَّق تاريخ البقلاوة بدقة، ولكن يُشار إلى أن جذورها تعود إلى ما قبل الدولة العثمانية. يعتقد بعض المؤرخين أن أصول البقلاوة تعود إلى بلاد الرافدين والآشوريين في القرن الثاني قبل الميلاد، حيث كانوا يصنعون حلوى من رقائق العجين الرقيقة المحشوة بالفواكه المجففة أو المكسرات، والمغطاة بالعسل. انتقلت هذه الوصفة البسيطة والمميزة عبر العصور، وتبناها العديد من الحضارات التي أضافت إليها لمساتها الخاصة.

في العصور اللاحقة، انتقلت البقلاوة إلى الإمبراطورية البيزنطية، حيث أضاف اليونانيون إليها العسل والتوابل المختلفة. يُعتقد أن هذه الإضافات جعلت البقلاوة أكثر ثراءً وتعقيدًا في المذاق، مما ساعد على انتشارها في المناطق المحيطة. خلال العصور الوسطى، ومع التوسع البيزنطي، انتقلت البقلاوة إلى مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث اكتسبت شعبية كبيرة.

مع دخول العثمانيين إلى المسرح التاريخي، أصبحت البقلاوة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الغذائية للإمبراطورية العثمانية. يُقال إنها كانت تُصنع في مطابخ قصر توبكابي في إسطنبول، حيث كان الطهاة العثمانيون يبدعون في إعداد هذه الحلوى الفاخرة وتقديمها بأبهى حلة. قدمها السلطان في صينية مزخرفة للانكشاريين في منتصف شهر رمضان في مراسم احتفالية تُعرف باسم “موكب البقلاوة”، وهي مناسبة خاصة تُظهر الكرم السلطاني وتقوي الروابط بين الجنود والقصر.

اقرأ أيضاً:  المكدوس السوري: وجبة تراثية سورية أصيلة

مع مرور الوقت، انتقلت البقلاوة من بلد إلى آخر، واكتسبت شعبية كبيرة في مختلف الثقافات. أضاف الأرمنيون إليها القرفة، مما أضفى عليها نكهة مميزة. بينما أضاف العرب ماء الورد وماء الزهر، مما منحها عبقًا خاصًا ونكهة لا تُضاهى. في اليونان، استُخدم العسل كمكون أساسي لتحليتها، مما جعلها أكثر لزوجةً وحلاوة.

خلال الفتوحات العثمانية، انتشرت البقلاوة في البلقان والقوقاز والبلدان المغاربية. في كل منطقة، أضيفت لمسات محلية إلى الوصفة الأصلية، مما جعل كل نسخة من البقلاوة تعكس تميزًا خاصًا بالطعام المحلي. في تركيا، تُعتبر البقلاوة من أرقى الحلويات وتُقدم في المناسبات الهامة والأعياد.

ولكن الموثق في الكتب العربية أن البقلاوة أصولها من بلاد الشام وتحديداً حلب وذلك بحسب ما ورد كتاب الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب لابن العديم الحلبي، وهذا الكتاب من العصر العباسي يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي حيث ذكر البقلاوة باسم آخر وهو (كل واشكر)  يكون تحضيره كالتالي: يعجن الدقيق بالسمن ويعجن بالماء ويمد بالنشابة مثل الطمطماج. ويذوب السمن ويدهن به ويطوى عرض أربعة أصابع طاقات. ويقطع شوابير وتقلى بالشيرج حتى تتورد وتجعل في صحن ويذر عليه سكر وجلاب قاصف وقلب فستق.

على الرغم من النزاع بين البلدان حول أصل البقلاوة، إلا أنها تظل واحدة من الحلويات التي تجمع بين الثقافات المختلفة، وتُبرز التراث الغذائي الغني والمتنوع لمنطقة الشرق الأوسط. تحتفظ البقلاوة بمكانتها الرفيعة في العديد من المطابخ حول العالم، وتظل رمزًا للضيافة والاحتفال في المناسبات الخاصة.

اليوم، يتم إعداد البقلاوة بطرق متعددة ومن مكونات متنوعة، مما يعكس التداخل الثقافي والتنوع الذي اكتسبته عبر العصور. سواءً كانت تُحضَّر بالفستق الحلبي أو الجوز أو اللوز، تظل البقلاوة واحدة من أكثر الحلويات شهرةً وتقديرًا في العالم، وتستمر في جذب عشاق الحلويات بنكهتها الفريدة وقوامها المقرمش. تعتبر البقلاوة تجسيدًا حيًا لتاريخ طويل من التبادل الثقافي، وتمثل جسرًا يربط بين الحضارات المختلفة من خلال النكهات والأذواق.

الخلاف حول الأصل

هناك نزاع مستمر بين اليونانيين والأتراك حول أصل البقلاوة، ويُعتبر هذا الخلاف جزءًا من تاريخ طويل من التنافس الثقافي بين الحضارتين. يُقال إن أصل البقلاوة يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد في بلاد الرافدين والآشوريين، حيث كانت تُصنع من رقائق العجين الرقيق الهش المحشو بالفواكه المجففة أو المكسرات المغطاة بالعسل. هذه الحلوى البسيطة ولكن اللذيذة انتقلت عبر العصور والثقافات، ما أدى إلى تباين الرؤى حول أصلها الحقيقي.

في الجانب التركي، يُعتقد أن البقلاوة سميت بهذا الاسم نسبة إلى زوجة أحد السلاطين العثمانيين، التي كانت بارعة في فن الطهي. تروي الأسطورة أن هذه الزوجة صنعت لأول مرة طبقًا مبتكرًا من رقائق العجين الرقيقة المليئة بالمكسرات والعسل، وأدهشت السلطان بمذاقها الفريد. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا الطبق يُعرف باسم “بقلاوة” تكريمًا لها.

في رواية أخرى من التراث التركي، يُقال إن الطباخة لاوة في عهد السلطان عبد الحميد هي التي ابتدعت هذه الحلوى. تُروى القصة بأن السلطان عبد الحميد كان يشتهر بتذوقاته الرفيعة للأطعمة، وكان يبحث دائمًا عن أطباق جديدة ومميزة. قامت الطباخة لاوة بابتكار حلوى جديدة مكونة من طبقات العجين الرقيقة المحشوة بالمكسرات المغطاة بالعسل، وعندما تذوقها السلطان قال: “باق لاوة” والتي تعني “انظر ماذا صنعت لاوة”. هكذا أصبح هذا الطبق يُعرف باسم “بقلاوة”.

من الناحية اليونانية، يؤكد العديد من الباحثين أن البقلاوة قد تكون ذات أصول يونانية. في اليونان القديمة، كان هناك طبق يُعرف باسم “باكلافاس”، وهو مشابه للغاية للبقلاوة الحالية. يُعتقد أن هذا الطبق انتقل من اليونان إلى الإمبراطورية البيزنطية ومنها إلى الإمبراطورية العثمانية، حيث تم تعديله وتحسينه بمرور الوقت. يُقال إن اليونانيين أضافوا العسل إلى الوصفة الأصلية، مما منحها النكهة الحلوة اللذيذة التي تُعرف بها اليوم.

إلى جانب ذلك، توجد آراء تشير إلى أن البقلاوة قد تكون ذات أصول مختلطة، نتجت عن التبادل الثقافي والتجاري بين الشعوب المختلفة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. كانت هذه المنطقة مركزًا للتجارة والتبادل الثقافي منذ العصور القديمة، مما يعني أن البقلاوة قد تكون نتاجًا لتلاقح الثقافات والتقاليد المختلفة.

اقرأ أيضاً:  كيفية إحياء الموسيقى الشعبية السورية: نهضة ثقافية

تعتبر البقلاوة اليوم رمزًا للتواصل الثقافي والتبادل الحضاري، حيث تُحضر بطرق مختلفة في جميع أنحاء العالم. في تركيا، تُستخدم مكونات مثل الفستق الحلبي والجوز، بينما يُضاف ماء الورد وماء الزهر في بلاد الشام، ويُحلى بالعسل في اليونان. في كل منطقة، تظل البقلاوة تحمل الطابع الخاص بها، مما يجعلها واحدة من أكثر الحلويات تنوعًا وتقديرًا في العالم.

على الرغم من الخلافات حول أصل البقلاوة، تظل هذه الحلوى اللذيذة تجسد تلاقح الثقافات وتنوعها، وتُبرز قدرتها على الجمع بين الشعوب من خلال الطعم والنكهة. سواء كانت تركية الأصل أو يونانية، فإن البقلاوة ستظل دائمًا تجسيدًا للتراث الغذائي الغني والتاريخ الطويل الذي حملته عبر العصور والبلدان.

إثبات أن البقلاوة سورية

البقلاوة، وهي واحدة من أشهر الحلويات التي يعرفها العالم اليوم، لها جذور عميقة في بلاد الشام. يمكننا إثبات هذا بالنظر إلى كتاب “الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب” الذي ألفه ابن العديم الحلبي، والذي يعود إلى العصر العباسي في القرن الثالث عشر الميلادي. يذكر الكتاب وصفة حلوى تشبه البقلاوة الحالية تحت اسم “كل واشكر”. هذه الوصفة تشمل عجن الدقيق بالسمن، ومد العجين بالنشابة، ثم دهنه بالسمن وطيه على شكل طبقات. بعد ذلك، يُقطع العجين إلى قطع صغيرة ويُقلى في الزيت حتى يتورد، ويُضاف إليه السكر والجلاب وقلب الفستق.

هذا الوصف يشير بوضوح إلى أن البقلاوة أو شيء مشابه لها كان موجوداً في المطبخ الحلبي منذ العصور العباسية، مما يدعم بقوة فكرة أن البقلاوة لها أصول سورية. فالتقنيات المستخدمة في تحضيرها، مثل رق العجين وطيه وحشوه بالفستق، تشبه تماماً طريقة صنع البقلاوة المعروفة اليوم. هذا الاتصال التاريخي يُظهر أن البقلاوة لم تكن فقط جزءًا من التراث الحلبي، ولكنها أيضًا تحمل في طياتها تراثاً عريقاً يعود إلى مئات السنين في بلاد الشام.

وعليه ولأن حلب كانت أقرب المدن إلى تركيا حاضرة الدولة العثمانية ولأن الدولة العثمانية كانت تحكم البلاد العربية لمئات السنين وقد جاءت بعد الدولة العباسية بعشرات السنين ولأن بلاد الشام (سوريا) كانت جزءاً لا يتجزأ من الدولة العثمانية وكان العثمانيون يأخذون كثيراً من الطعام السوري فإنهم قد أخذوا تحضير هذه الحلوى من السوريين وأطلقوا عليها اسم بقلاوة.

طريقة تحضير البقلاوة السورية

المقادير:

  • 2 كوب سكر
  • 1 كوب ماء
  • 1 ملعقة كبيرة عصير ليمون
  • 20 رقاقة عجينة البقلاوة
  • 1 كوب سمن حيواني مذاب
  • 2 كوب فستق حلبي مطحون

الطريقة:

  • نضع السكر والماء في إناء صغير ونحرك قليلاً ثم نضعها على نار متوسطة حتى يغلي المزيج.
  • عندما يغلي القطر، نخفف النار ونضيف عصير الليمون مع التحريك ونتركه يغلي لدقيقة أخرى مع التحريك.
  • ندهن صينية فرن بمقدار 2 ملعقة طعام من السمن الحيواني باستخدام فرشاة.
  • نبطن الصينية بست طبقات من رقاقات عجينة البقلاوة مع دهنها باستمرار بالسمن.
  • نوزع الفستق على سطح رقائق العجينة.
  • نطوي أطراف العجينة الممتدة خارج الصينية إلى الداخل وندهنها بالسمن.
  • نغطيها بطبقة من رقائق العجين وندهنها بالسمن، ونكرر العملية مع بقية رقائق العجين.
  • نقوم بتقطيع سطح العجينة بالسكين بخطوط طولية وندهنها بالسمن.
  • نخبز لمدة 35-45 دقيقة في الفرن المسخن مسبقاً إلى 160 درجة مئوية حتى تأخذ البقلاوة لوناً ذهبياً جميلاً.
  • نوزع عليها القطر ونتركها لتبرد قبل تقديمها.

الشيرة (القطر)

  • ملعقتا سكر
  • ملعقتا ماء
  • قرنفلتان كاملتان
  • عودا قرفة
  • ملعقة شاي من عصير الليمون
  • بشرة قشرة الليمون
  • ملعقتا عسل

خاتمة

البقلاوة ليست مجرد حلوى، بل هي تراث ثقافي يمتد عبر العصور والبلدان. تجسد تنوع الثقافات والتقاليد التي احتضنتها وأضافت إليها لمساتها الفريدة. بفضل مكوناتها الغنية وطريقة تحضيرها الفريدة، ستظل البقلاوة دائمًا رمزًا للحلاوة والاحتفال والتاريخ في العالم العربي والعالمي.

في النهاية، يمكننا القول إن البقلاوة ليست مجرد حلوى لذيذة فحسب، بل هي جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي والغذائي لسوريا، كما تعتبر البقلاوة رمزاً للفن الطهوي والتقاليد العريقة التي احتضنتها بلاد الشام، وستظل دائمًا جزءًا من الهوية الثقافية السورية، تُحيي الذكريات وتُعبر عن الكرم والضيافة في جميع المناسبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى