من هم العلويون النصيريون وكيف استوطنوا في الساحل السوري؟

تسعى هذه المقالة إلى تقديم قراءة تاريخية معمقة حول نشأة وتطور جماعة العلويين في الساحل السوري، مع التأكيد على أن هدفها ليس إثارة النعرات الطائفية أو إصدار أحكام قيمية، بل تقديم سرد تاريخي موثق ومستند إلى مصادر متنوعة. إن فهم السياق التاريخي والاجتماعي الذي تشكلت فيه هذه الجماعة، وعلاقتها بالقوى والمذاهب الأخرى في المنطقة، هو أمر ضروري لفهم أعمق لتاريخ الساحل السوري وتنوعه.
تعتمد هذه المقالة على مجموعة واسعة من المصادر التاريخية، من كتب التاريخ الإسلامي الكلاسيكية إلى الدراسات الأكاديمية الحديثة، ومن المصادر الأولية إلى التحليلات الثانوية. وتهدف إلى تقديم صورة متوازنة وموضوعية قدر الإمكان، مع الاعتراف بوجود تفسيرات مختلفة للأحداث التاريخية، وتشجيع القارئ على التفكير النقدي والبحث المستقل.
إن الغاية من هذه المقالة هي المساهمة في إثراء المعرفة التاريخية حول هذه الجماعة، وتوضيح دورها في تاريخ المنطقة، بعيدًا عن التحيزات والأحكام المسبقة. وهي دعوة للحوار والتفهم، لا للفرقة والانقسام.
مقدمة
على شواطئ المتوسط، حيث تتلاطم أمواج التاريخ بأصداء الحضارات المتعاقبة، تتربع المنطقة الساحلية لبلاد الشام كشاهد حي على صراعات الإمبراطوريات، وتمازج الثقافات، وتشكل الهويات. من أوغاريت الأبجدية الأولى، إلى أرواد الفينيقية الصامدة، ومن أنطاكيا الهلنستية إلى اللاذقية الرومانية، وصولًا إلى الفتح الإسلامي وما تلاه من تحولات ديموغرافية ومذهبية، ظلت هذه المنطقة بوتقة تنصهر فيها الشعوب والأفكار، لتخلق نسيجًا اجتماعيًا فريدًا ومعقدًا.
في قلب هذا النسيج، تبرز قصة العلويين، الجماعة التي ارتبط اسمها بجبال الساحل السوري، والتي طالما أثارت تساؤلات حول أصولها، ومعتقداتها، ودورها في تاريخ المنطقة. فمن هم العلويون؟ وكيف استوطنوا هذه الجبال الوعرة؟ وما هي العوامل التي شكلت هويتهم، وجعلتهم جزءًا لا يتجزأ من فسيفساء الساحل السوري؟
هذه المقالة هي رحلة في عمق التاريخ، لاستكشاف جذور العلويين، وتتبع مسارهم عبر القرون، من حلب إلى اللاذقية، ومن الصراعات المذهبية إلى التحالفات السياسية. إنها محاولة لفهم كيف تحولت هذه الجماعة من فرقة باطنية هامشية، إلى مكون رئيسي في التركيبة السكانية والسياسية للساحل السوري، وكيف صاغت علاقتها المعقدة مع القوى المحيطة بها، من الإسماعيليين والدروز، إلى الصليبيين والعثمانيين، مصيرها ومصير المنطقة بأسرها.
المنطقة الساحلية لبلاد الشام: تاريخ من التنوع والتحولات
تُمثّل السواحل الشمالية الغربية لسوريا المعاصرة امتداداً جغرافياً حيوياً يطل على البحر الأبيض المتوسط، وتنقسم هذه المساحة إلى نطاقين رئيسيين: الأول هو السهل الساحلي الذي يحتضن مدناً عريقة مثل اللاذقية وطرطوس وجبلة، ويمتد جنوباً ليضم سواحل لبنان وفلسطين. أما الثاني فيتمثل في الحزام الجبلي الذي يُشكّل الجزء الشمالي من سلسلة جبال اللكام التاريخية، والتي تتخذ مسميات محلية مثل جبل لبنان وجبل بهراء، لتحمل لاحقاً اسم جبال العلويين “جبال النصيريين” مع ظهور هذه الجماعة.
جذور الحضارات الساحلية
ارتبط السهل الممتد من أنطاكيا إلى فلسطين بالوجود الكنعاني الذي عُرف لاحقاً بالفينيقيين، حيث ازدهرت مدن مثل أوغاريت وأرواد كمراكز تجارية وحضارية. في المقابل، حافظت المناطق الجبلية على تنوع سكاني غامض، تجلّى في بقايا أسماء آرامية وكنعانية إلى جانب تأثيرات هندوأوروبية وافدة من الأناضول، كالحثيين والكاشكيين، الذين شكلوا امتداداً لمجتمعات الجبال حتى العصور الوسطى.
التأثيرات الإمبراطورية وتداخل الثقافات
شهدت المدن الساحلية تقلبات السيطرة بين الآشوريين والفراعنة والفرس، الذين تركوا بصمتهم عبر توطين الحاميات العسكرية. مع العصر الهلنستي، برزت مدن مثل اللاذقية وأنطاكيا كمراكز إغريقية، ثم رومانية، حافظت على وجودها العسكري حتى الفتح الإسلامي. وقد أسهم هذا التراكم التاريخي في تشكيل نسيج سكاني متعدد الثقافات.
الفتح الإسلامي وإعادة التشكيل الديموغرافي
بدأ انتشار الإسلام في الساحل الشامي مع حملات مثل فتح اللاذقية عام 14هـ بقيادة عبادة بن الصامت، حيث تعامل المسلمون مع مجتمعات مسيحية غير عربية. أدت سياسات الإجلاء الطوعي أو القسري، كهجرة جبلة بن الأيهم الغساني مع آلاف من أتباعه، إلى فراغ سكاني في مدن مثل جبلة وبانياس، مما دفع الأمويين لتعويض النقص عبر توطين قبائل من حمص وبعلبك وحتى زُطّ الهند، لتعزيز الحضور العربي الإسلامي وصد الهجمات البيزنطية.
التحديات الأمنية والكوارث الطبيعية
واجهت المنطقة تحديات متكررة كالزلازل المدمرة، مثل زلزال 245هـ الذي أهلك جبلة، وغارات البيزنطيين التي أعاقت الاستقرار. رغم ذلك، أصبح العرب المسلمون مكوناً رئيسياً في المدن الساحلية بحلول القرن الثالث الهجري، لاسيما مع هيمنة القبائل اليمانية كسليح وزبيد.
جبال اللكام: صراعات الهوية والسيطرة
شكّل الجراجمة، وهم بقايا فرس ميدييين، تحالفاً مع النبط (السريان) لتحدي السلطة الأموية، مستغلين وعورة الجبال. بعد صراعات طويلة، تمكن مسلمة بن عبد الملك من تفكيك قوتهم ونقلهم إلى لبنان، بينما احتفظت مناطق مثل الجرجومة بآثارهم حتى العهد العباسي.
الصراعات المذهبية وبروز الفرق الباطنية
مع ضعف العباسيين، أصبحت بلاد الشام ساحة للتنافس بين الحمدانيين والإخشيديين والقرامطة، مما مهّد لظهور حركات شيعية كالنصيرية (العلوية) بقيادة الحسين الخصيبي، الذي نشر أفكاره في حلب وحران والساحل اللبناني. أدى الصراع بين العلويين “النصيريين” والإسحاقيين إلى انتقال مركز العلويين “النصيريين” إلى اللاذقية تحت قيادة الميمون الطبراني، ليصبحوا جزءاً من التركيبة الدينية المعقدة للجبال الساحلية.
هكذا، تجسدت المنطقة الساحلية لبلاد الشام كفسيفساء من التأثيرات الحضارية والتحولات الديموغرافية، حيث شكل كل عصر طبقة جديدة في هويتها المتعددة الأوجه.
الصراعات المذهبية وتشكُّل الهوية في الساحل الشامي
برزت طائفتا الإسحاقية والعلويين كفرعين متصارعين من جذور فكرية واحدة، حيث ارتبطت الأولى بإسحاق النخعي والثانية بمحمد بن نصير النميري، ضمن دائرة الغلاة الشيعة. اشتد التنافس بينهما حول زعامة التيار الباطني، فاتخذت الإسحاقية من تأليه النبي محمد ﷺ مَعلماً متميزاً عنها، بينما رفع العلويون علي بن أبي طالب إلى مرتبة الألوهية. تحول الخلاف الفكري إلى صراع دموي في القرن الخامس الهجري، خاصة مع بروز زعيمي الطائفتين: إسماعيل بن خلاد (أبو ذهيبة) للإسحاقية، والميمون الطبراني للعلويين، حيث انتهت المواجهات بمقتل ابن خلاد وتراجع نفوذ طائفته، لتبدأ مرحلة جديدة من الهيمنة العلوية على الساحل السوري.
التحولات الجيوسياسية وتأثيرها على المذاهب
لم يكن صعود العلويين منعزلاً عن التحولات الكبرى في المنطقة، فمع أفول النفوذ الشيعي العام بعد القرن الرابع الهجري، وبروز السلاجقة كقوة سنية مسيطرة، وجدت الفرق الباطنية نفسها في موقف دفاعي. تفاقم التحدي مع صعود الدولة الفاطمية في مصر، وامتداد نفوذها إلى بلاد الشام، حيث دخلت في صراع مع الحمدانيين والمرداسيين الشيعة، الذين حكموا حلب كحلفاء متقلبين للإسماعيليين. أدى هذا الوضع إلى هجرة العلويين من مراكزهم التقليدية حول حلب نحو الجبال الساحلية، في عملية استغرقت عقوداً، وصولاً إلى استقرار الميمون الطبراني في اللاذقية، التي أصبحت قاعدة لنشر العقيدة النصيرية (العلوية) بعد القضاء على منافسيها الإسحاقيين.
الدروز والحشاشون: تفاعلات التحالف والصراع
مع ادعاء الحاكم بأمر الله الألوهية في القرن الخامس الهجري، تشكلت جماعة الدروز في وادي التيم اللبناني، كامتداد منشق عن الإسماعيلية. وعلى الرغم من التقارب الجغرافي مع العلويين، حافظ الطرفان على عداء فكري، وصفه حمزة بن علي الزعيم الدرزي بـ”الكفر الإباحي”. لكن المصالح المشتركة ضد الصليبيين لاحقاً دفعتهم إلى تحالفات مرحلية. من جهة أخرى، شهد القرن السادس الهجري ظهور الحشاشين الإسماعيليين (النزاريين) بقيادة حسن الصباح، الذين احتلوا قلاعاً استراتيجية مثل القدموس ومصياف، متحولين إلى منافس مباشر للعلويين في الساحل السوري، ما أدى إلى مواجهات متكررة استمرت حتى تدخل المكزون السنجاري العلوي (النصيرية) في القرن السابع الهجري، الذي أنهى الوجود الإسماعيلي تقريباً.
التحديات الخارجية وانكفاء الباطنية
واجهت الفرق الباطنية ضغوطاً متصاعدة مع النهضة السنية التي قادها الزنكيون والأيوبيون، خصوصاً بعد تحرير القدس. أجبرت الحملات الصليبية ثم الهيمنة السلجوقية هذه الجماعات على الانكفاء نحو المعاقل الجبلية النائية. اختفت التجمعات النصيرية (العلوية) من المدن الرئيسية مثل حمص وحماة، بينما حافظ الإسماعيليون على وجود هش في قلاعهم حتى اجتياح المغول. أسفرت هذه التحولات عن إعادة تشكيل ديموغرافي، حيث أصبحت الجبال الساحلية ملاذاً نهائياً للنصيريين (العلويين)، بينما تقلص وجود الإسماعيلية إلى جيوب صغيرة، في حين حافظ الدروز على كياناتهم في لبنان دون توسع شمالاً.
استيطان الجبال: تشريح التحول الديموغرافي
تمحورت عملية استيطان النصيريين (العلويين) في الجبال الساحلية حول ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: التواجد المبكر حول حلب وسرمين كامتداد لنشاط الحسين الخصيبي.
- المرحلة الانتقالية: التمدد نحو السفوح الشرقية للجبال الساحلية في طرطوس وصافيتا خلال الصراعات مع الحشاشين.
- المرحلة النهائية: التوطين الكثيف شمال اللاذقية في العصر المملوكي، مع استمرار المدن الساحلية الكبرى كاللاذقية وبانياس تحت سيطرة سكانية سنية ومسيحية حتى العصر الحديث.
لم يُسجَّل وجود نصيري (علوي) بارز في المدن الساحلية إلا مع التحولات السياسية في سوريا المعاصرة، حيث أعادت السلطة العلوية تشكيل التركيبة السكانية لصالحها، مكرسةً سيطرتها على هذه المناطق تاريخياً.
الأسئلة الشائعة
ما التقسيم الجغرافي لمنطقة شمال غرب بلاد الشام؟
تنقسم المنطقة إلى قسمين:
- السهل الساحلي: يمتد من أنطاكيا حتى فلسطين، ويضم مدنًا رئيسية مثل اللاذقية، طرطوس، وجزيرة أرواد.
- السلسلة الجبلية (جبال اللكام): تمتد من البحر الأحمر إلى أنطاكيا، وتشمل جبال لبنان وبهراء، وسُميت لاحقًا “جبال النصيرية” (جبالة العلويين) بعد ظهور الطائفة النصيرية فيها.
ما أبرز المدن الفينيقية في السهل الساحلي؟
من أبرز المدن الفينيقية (الأوفينيقيين) التي لا تزال موجودة:
- أوغاريت (أقدم مدينة في العالم بنظام كتابة أبجدي).
- أرواد (جزيرة سورية).
- جبيل وصور وصيدا (في لبنان حاليًا).
كيف أثّر الفتح الإسلامي على التركيبة السكانية للساحل الشامي؟
بعد الفتح الإسلامي (القرن 7م):
- هجر العديد من البيزنطيين المنطقة، مما خلق فراغًا سكانيًا.
- أُعيد توطين المنطقة بقبائل عربية من اليمن وحمص وبعلبك، مثل قبائل سليح وزبيد.
- بُنيت مساجد وحصون جديدة، مثل مسجد اللاذقية الذي بناه عبادة بن الصامت.
ما دور معاوية بن أبي سفيان في إعمار الساحل السوري؟
أطلق معاوية سياسة توطين إستراتيجية خلال ولايته على الشام:
- نقل جماعات من الفرس وأهل بعلبك إلى أنطاكيا.
- بنى حصونًا في جبلة وطرطوس لصد الهجمات البيزنطية.
- استقدم قبائل من زط البصرة والسند لتعزيز الوجود العسكري.
ما أسباب الفراغ السكاني بعد الفتح الإسلامي؟
يعود ذلك إلى:
- هجرة السكان المسيحيين مع البيزنطيين (مثل جبلة بن الأيهم الغساني مع 30 ألفًا من قومه).
- وقوع المنطقة على خطوط المواجهة مع البيزنطيين، مما جعلها غير آمنة.
- كوارث طبيعية كالزلازل (مثل زلزال 245هـ الذي دمر جبلة).
من هم الجراجمة؟ وما علاقتهم بالدولة الأموية؟
- الجراجمة: قبائل من أصول فارسية ميدية سكنت جبال اللكام، وتحالفت مع البيزنطيين ضد المسلمين.
- شنوا غارات على المسلمين بدعم بيزنطي، مما دفع عبد الملك بن مروان لتهدئتهم بالمال أولًا، ثم تدمير معقلهم (الجرجومة) ونقلهم إلى لبنان في عهد الوليد بن عبد الملك.
كيف ظهرت الفرق الباطنية في المنطقة؟
- البيئة الخصبة: ضعف السلطة العباسية وانتشار الصراعات المذهبية في القرن 4هـ.
- أبرز الفرق:
- الإسحاقية: تؤله النبي محمد، وظهرت بقيادة إسماعيل بن خلاد.
- النصيرية (العلويون): تؤله علي بن أبي طالب، وانتشرت بقيادة الحسين بن حمدان الخصيبي.
- الدروز: انشقوا عن الإسماعيلية بعد إلهية الحاكم بأمر الله الفاطمي.
ما دور الحسين بن حمدان الخصيبي في نشر النصيرية (العلوية)؟
- هاجر من العراق إلى بلاد الشام بعد سجنه بسبب صلته بالحلاج.
- أسس تجمعات نصيرية (علوية) في حلب وحران والساحل اللبناني.
- بعد وفاته، نقل تلميذه الميمون الطبراني مركز النصيريين (العلويين) إلى اللاذقية، مما ساهم في انتشارهم في الجبال الساحلية.
كيف تفاعلت الفرق الباطنية مع الصليبيين والسلاجقة؟
- النصيريون (العلويون): تحالفوا أحيانًا مع الصليبيين لتجنب دفع الجزية، واعتنق بعضهم المسيحية.
- الإسماعيليون (الحشاشون): تحالفوا مع صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، لكنهم اغتالوا قادة مسلمين أيضًا.
- الدروز: حافظوا على وجودهم في جبال لبنان دون توسع كبير.
ما تأثير الكوارث الطبيعية على المنطقة؟
- الزلازل: دمرت مدنًا كاملة، مثل زلزال 245هـ الذي أهلك سكان جبلة.
- الغزوات البيزنطية: أدت إلى تهجير السكان وتدمير البنية التحتية.
- الانهيارات الديموغرافية: أجبرت السلطات على استقدام قبائل جديدة للإعمار، مثل نقل عرب معرة النعمان إلى بيروت في العصر العباسي.
ما الفرق بين الإسحاقية والنصيرية (العلوية) في المعتقد؟
- النصيرية (العلويون) : تؤله علي بن أبي طالب وتعتبره تجسيدًا للإله.
- الإسحاقية: تؤله النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتُعتبر أقل غلوًا من النصيرية (العلويين).
كيف نشأ الانقسام بين الإسحاقية والنصيرية (العلوية)؟
نشأ الانقسام بسبب تنافس شخصي بين زعيمي الفرقتين: إسحاق بن محمد النخعي (مؤسس الإسحاقية) ومحمد بن نصير النميري (مؤسس النصيرية “العلوية”)، رغم انتمائهما في الأصل لجماعة غالية واحدة.
من هو إسماعيل بن خلاد البعلبكي؟
هو زعيم الإسحاقية في القرن الخامس الهجري، وصفته المصادر النصيرية (العلوية) بـأبو ذهيبة، وقاد صراعًا دمويًا مع النصيريين (العلويين) انتهى بمقتله.
ما دور ميمون الطبراني في تاريخ النصيرية (العلوية)؟
- نقل مركز النصيريين (العلويين) من حلب إلى اللاذقية.
- قاد حملات لإبادة الإسحاقية، وحرق كتبهم، وقتل زعمائهم.
- دُفن في اللاذقية كرجل صوفي، ثم نُقل قبره لقرية بسنادا في القرن العشرين.
كيف أثّر سقوط الدولة الحمدانية على النصيريين (العلويين)؟
بعد سقوط حلب (363هـ)، انتقل النصيريون (العلويون) بقيادة الطبراني إلى الجبال الساحلية السورية (طرطوس وسهل الغاب)، هربًا من الصراعات السياسية والشيعية.
ما علاقة الدروز بالنصيرية (العلويين)؟
- الدروز (منشقون عن الإسماعيلية) اعتبروا النصيرية (العلويين) “فرقة إباحية كافرة”.
- دار بينهم جدل فكري دون اشتباك مسلح، وتحالفوا لاحقًا ضد الحشاشين الإسماعيليين.
كيف ظهرت الدروز؟
ظهرت بعد إدعاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الألوهية (411هـ)، فاتبعه أنصار سكنوا وادي التيم بلبنان، ونُسبوا خطأً لـنشتكين الدرزي، بينما قادهم حمزة بن علي الزوزني.
ما أسباب انشقاق الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية؟
بعد وفاة الخليفة الفاطمي المستنصر (487هـ)، تنازع ولداه المستعلي ونزار على الحكم، فانقسمت الإسماعيلية إلى:
- المستعلية (البهرة): أيدت المستعلي.
- النزارية (الأغاخانية): أيدت نزار، وتبناها حسن الصباح مؤسس الحشاشين.
كيف دخل الحشاشون بلاد الشام؟
أرسل حسن الصباح داعيةً اسمه بهرام إلى دمشق (519هـ)، فاستولى على قلعة بانياس، ثم توسع إلى وادي التيم، لكنه قُتل في صراع مع تحالف نصيري-درزي.
ما “قلاع الدعوة” التي سيطر عليها الحشاشون؟
شملت: القدموس، الكهف، مصياف، الخوابي، والعليقة، واستخدموها قواعد لمواجهة النصيريين (العلويين) والصليبيين.
كيف تعامل النصيريون (العلويون) مع الصليبيين؟
تحالف بعض النصيريين (العلويين) مع الصليبيين لتجنب دفع الجزية، واعتنق 60 ألفًا منهم المسيحية وفقًا لمصادر تاريخية.
ما دور راشد الدين سنان في الصراع الإسماعيلي-النصيري؟
قاد الإسماعيليين (الحشاشين) في القرن 6هـ، ووصف النصيريين (العلويون) بأنهم “أشد الأعداء”، رغم تحالف بعضهم معه ضد الصليبيين أحيانًا.
من هو المكزون السنجاري؟
قائد نصيري (علوي) من جبل سنجار (إدلب)، قاد حملتين في القرن 7هـ:
- الأولى: هُزم أمام الإسماعيليين (617هـ).
- الثانية: انتصر عليهم، واجتث بقايا الإسحاقية، ونظم أمور النصيريين (العلويين) في الجبال الساحلية.
أين انتشر النصيريون (العلويون) خلال العصور الوسطى؟
من حلب إلى: سرمين، سلمية، حمص، وحماة، ثم نحو السفوح الشرقية لجبال الساحل (طرطوس وصافيتا). ولم ينتشروا شمال اللاذقية إلا في العصر المملوكي.
كيف أثّر السلاجقة على الفرق الباطنية؟
بعد سيطرة السلاجقة على الشام (القرن 5هـ)، ضعفت القوى الشيعية، وانسحب النصيريون (العلويون) والإسماعيليون إلى الجبال الساحلية هربًا من الاضطهاد السني.
ما تأثير الحملات الصليبية على النصيرية (العلوية)؟
أجبرتهم على التحالف مع قوى متعددة (كالصليبيين أحيانًا)، ودفعتهم للاختفاء في المناطق النائية لتجنب الصراع بين السلاجقة والصليبيين.
كيف تعامل الأيوبيون مع الفرق الباطنية؟
قضى صلاح الدين الأيوبي على النفوذ الشيعي، مما زاد عزلة النصيريين (العلويين)، واضطروا للتحالف معه رغم محاولات الحشاشين اغتياله.
ما مصير الإسحاقية بعد صراعهم مع النصيرية (العلوية)؟
انتهى وجودهم تقريبًا بعد حملات الطبراني والمكزون السنجاري، التي شملت إحراق الكتب، وإعدام الزعماء، وتشريد الأتباع.
لماذا انتقل النصيريون (العلويون) إلى الجبال الساحلية؟
- هربًا من الاضطهاد السني (الزنكيين والأيوبيين).
- البحث عن مناطق منيعة يصعب على السلطة المركزية الوصول إليها.
متى أصبحت المدن الساحلية (كاللاذقية) مراكز نصيرية (علوية)؟
في التاريخ المعاصر، بعد سيطرة العلويين (النصيريين) على الحكم في سوريا، حيث غُيّرت التركيبة السكانية لصالحهم.
خاتمة
في الختام، تكشف رحلتنا عبر تاريخ الساحل السوري عن قصة متشابكة من التحولات الديموغرافية والصراعات المذهبية والتحالفات السياسية المتقلبة. لقد رأينا كيف كانت هذه المنطقة، منذ أقدم العصور، ملتقى للحضارات ومسرحًا للتنافس بين القوى العظمى، مما أدى إلى تشكيل نسيج سكاني فريد ومتنوع.
برز العلويون (النصيريون) كجزء من هذا النسيج، منطلقين من جذورهم الباطنية في حلب، ليتخذوا من الجبال الساحلية ملاذًا لهم، في عملية استيطان تدريجية امتدت لقرون. وقد شهدت هذه العملية صراعات دامية مع فرق باطنية أخرى كالإسماعيلية والإسحاقية، وتحالفات مرحلية مع قوى خارجية كالصليبيين، وانكفاءً نحو المعاقل الجبلية في مواجهة النهضة السنية بقيادة الزنكيين والأيوبيين.
لم يكن استيطان العلويين في الجبال الساحلية مجرد هجرة جغرافية، بل كان تحولًا في الهوية والانتماء. فقد تحولوا من فرقة هامشية مضطهدة، إلى جماعة متماسكة ذات نفوذ متزايد، لتصبح في العصر الحديث مكونًا رئيسيًا في التركيبة السكانية والسياسية للمنطقة، مع إعادة تشكيل ديموغرافية للمدن الساحلية لصالحهم.
إن قصة العلويين في الساحل السوري هي قصة بقاء وتكيف، قصة صعود من الهامش إلى المركز، قصة جماعة استطاعت، رغم كل التحديات، أن تحفر اسمها في تاريخ المنطقة، وأن تصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتها المعقدة والمتعددة الأوجه. وهي قصة لا تزال فصولها تُكتب حتى اليوم، حاملةً في طياتها دروسًا وعبرًا حول طبيعة الصراع والهوية والبقاء في منطقة شهدت، ولا تزال، تحولات كبرى وتحديات مستمرة.