مال وأعمال

هوية الاقتصاد السوري وتطورها تاريخياً

تاريخياً لم تظهر للاقتصاد السوري هوية واضحة منذ الاستقلال وحتى سيطرة حزب البعث وعائلة الأسد المجرمة على الحكم إلى أن انتصرت الثورة في شهر كانون الأول 2024، لكن يمكن القول:

إن الهوية الاقتصادية للاقتصاد السوري كانت عشوائية وعبارة عن نسيج منسوج بخيوط من التاريخ والسياسة والمجتمع، كل منها يؤثر على رحلة الأمة عبر الزمن. على مر السنين، خضعت هذه الهوية لتحولات عميقة، تعكس مرونة شعبها وقدرته على التكيف. وبينما نتعمق في تعقيدات المشهد الاقتصادي السوري، سنكتشف كيف اختلطت الأسس القديمة التي وضعتها الحضارات المبكرة بالتطورات الحديثة، مما أدى إلى اقتصاد غني بالتراث ومحفوف بالتحديات المعاصرة. من جذورها التاريخية المتجذرة في الزراعة والتجارة، إلى التحولات الزلزالية التي جلبتها الصراعات الأخيرة، تهدف هذه النظرة الشاملة إلى تسليط الضوء على الجوانب الرئيسية التي تحدد الهوية الاقتصادية لسوريا اليوم. استعد للانطلاق في رحلة عبر السرد الاقتصادي المتطور لأمة عند مفترق طرق التقاليد والتحول.

السياق التاريخي

لقد خضع اقتصاد سوريا لتغييرات هيكلية واسعة النطاق منذ استقلالها في عام 1946. في البداية، كان الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الزراعة، التي كانت تسيطر على جزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف جزءًا كبيرًا من القوة العاملة. وقد دعمت هذه القاعدة الزراعية الأراضي الخصبة والمناخ الملائم والممارسات الزراعية التقليدية التي دعمت المجتمعات الريفية. أضاف اكتشاف النفط واستغلاله في منتصف القرن العشرين ركيزة أخرى للاقتصاد، مما ساهم بشكل كبير في عائدات التصدير وإيرادات الحكومة. لم يوفر قطاع النفط مصدرًا مهمًا للعملة الأجنبية فحسب، بل قام أيضًا بتمويل العديد من مشاريع التنمية والخدمات العامة.

الاقتصاد قبل الثورة السورية واندلاع الحرب

قبل الثورة السورية عام 2011، كان الاقتصاد السوري متنوعًا نسبيًا، حيث كانت الزراعة والنفط والتصنيع القطاعات الرئيسية. شكلت الزراعة حوالي 26٪ من الناتج المحلي الإجمالي ووظفت 25٪ من القوى العاملة. تميز القطاع بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل، بما في ذلك القمح والشعير والقطن والفواكه، والتي دعمت الاستهلاك المحلي والصادرات. كان قطاع النفط حاسمًا لأرباح التصدير، مع احتياطيات كبيرة اجتذبت الاستثمار الأجنبي والتكنولوجيا. لعب قطاع التصنيع، بما في ذلك المنسوجات والمواد الكيميائية وتجهيز الأغذية، دورًا مهمًا أيضًا، حيث وفر فرص العمل وساهم في الناتج المحلي الإجمالي. أدى الجمع بين هذه القطاعات إلى إنشاء بنية اقتصادية متوازنة تدعم النمو والاستقرار.

اقرأ أيضاً:  القطاع الصناعي في سوريا: الطريق إلى إعادة الإعمار

تأثير الحرب على الاقتصاد السوري

أدى اندلاع الصراع السوري في عام 2011 إلى تباطؤ اقتصادي حاد. تسبب تدمير البنية التحتية، ونزوح الملايين من الناس، وتعطيل الأنشطة الاقتصادية في انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي. عانت الصناعات، بما في ذلك الزراعة والتصنيع والخدمات، من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية، وفقدان العمالة، وتعطل سلاسل التوريد. كما أدى الصراع إلى زيادة معدلات البطالة والفقر، حيث أغلقت العديد من الشركات وتوقفت الأنشطة الاقتصادية. كما أدى انهيار قطاع النفط، الذي كان مصدرًا رئيسيًا لإيرادات الحكومة، إلى تفاقم التدهور الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، أعاقت العقوبات الدولية وانخفاض القدرة على الوصول إلى الأسواق العالمية جهود التعافي الاقتصادي.

الهوية الاقتصادية الحالية

اعتبارًا من عام 2015 وحتى 2024، يتميز الاقتصاد السوري بالانكماش والتضخم المرتفع وزيادة الفقر. انخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، ويواجه الاقتصاد العديد من التحديات، بما في ذلك نقص الغذاء والوقود، ومعدلات البطالة المرتفعة، وانخفاض قيمة العملة. يعاني القطاع الزراعي، الذي كان ذات يوم العمود الفقري للاقتصاد، الآن من ارتفاع تكاليف المدخلات وندرة المياه وانخفاض الإنتاجية. تأثر قطاع الخدمات، بما في ذلك السياحة والتمويل، بشدة بالصراع وعدم الاستقرار. يظل قطاع التصنيع محدودًا بسبب الصراع المستمر ونقص الاستثمار. بشكل عام، يظل الاقتصاد معتمدًا بشكل كبير على الزراعة وقطاع الخدمات، مع مساهمات محدودة من التصنيع والنفط بسبب الصراع المستمر.

العوامل الخارجية

لقد أدت الصدامات الخارجية، مثل الحرب في أوكرانيا، إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها سوريا. كما أدت أسعار السلع الأساسية المرتفعة، وخاصة الغذاء والوقود، إلى زيادة التضخم وإضعاف القدرة الشرائية. كما أضافت المواقف المالية والخارجية الضعيفة إلى الضغوط الاقتصادية، مما حد من قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات وإصلاحات فعّالة. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال عدم الاستقرار الإقليمي والعقوبات الدولية تعيق التعافي الاقتصادي والنمو.

اقرأ أيضاً:  النظم الزراعية الموجودة في سوريا

الخلاصة

تتميز الهوية الاقتصادية للاقتصاد السوري باعتماده التاريخي على الزراعة والنفط، والتأثير الشديد للصراع، والتحديات المستمرة لإعادة الإعمار والتعافي. وسوف يتطلب الطريق إلى التعافي جهوداً متضافرة من جانب أصحاب المصلحة الوطنيين والمجتمع الدولي لاستعادة الاستقرار وإعادة بناء البنية الأساسية وتعزيز النمو المستدام. وسوف يكون التصدي لهذه التحديات ضرورياً لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري وتنشيط الاقتصاد.

لكن كما قلنا في البداية لا يمكن أن نعتبر لسوريا هوية اقتصادية واضحة بل عشوائية بسبب الحكم الديكتاتوري لحافظ الأسد ومن بعده المخلوع بشار، هذان المجرمان وعائلتهما وأجهزتهما الأمنية نشرا الفساد ودمرا الاقتصاد السوري على مدى 54 عاماً وسرقوا مقدرات الشعب السوري وثرواته، ولذا لم يكن للاقتصاد السوري هوية واضحة طوال حكمهم.، ولنرى بعد أن سقط نظامهم ونتفائل بالخير لهذا البلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى